للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما جواز جز صوفها ووبرها إن كان أنفع لها مثل أن يكون زمن الربيع فتخف بجزه وتسمن فلأن ذلك لمصلحتها.

فعلى هذا يتصدق به كما لو أخذه بعد الذبح.

وفي تقييد جواز ذلك بكونه أنفع لها إشعار بأنه إذا كان الجز يضر بها لكون الصوف والوبر يقيها الحر والبرد لم يجز وهو صحيح؛ لأنه حينئذ قطع شيء يضر بها فلم يجز كما لا يجوز قطع بعض أعضائها.

وأما عدم إعطاء الجازر بأجرته شيئاً منها فلأن علياً رضي الله عنه قال: «أمرني يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أعطي الجازر منها شيئاً. وقال: نحن نعطيه من عندنا» (١).

ولأنه إذا أعطاه ذلك أجرة كان بمنزلة المعاوضة، والمعاوضة في ذلك غير جائزة لما تقدم.

وقول المصنف رحمه الله: بأجرته فيه تنبيه على جواز إعطائه لغير ذلك مثلاً: أن يكون فقيراً أو ممن يهدى إليه؛ لأنه مستحق للأخذ فهو كغيره بل أولى؛ لأنه باشرها وتاقت نفسه إليها.

فإن قيل: الحديث شامل للأجرة وغيرها.

قيل: المراد الأجرة لأن في قوله: «نحن نعطيه من عندنا» دليلاً على إرادتها.

قال: (وله أن ينتفع بجلدها وجلها ولا يبيعه ولا شيئاً منها).

أما جواز الانتفاع بجلد الأضحية فلأنه جزء منها فجاز للمضحي فعله كاللحم، وقد روي عن عكرمة ومسروق رضي الله عنهما «أنهما كانا يدبغان جلد أضحيتهما ويصليان عليه».

وأما جواز الانتفاع بجلها فلأنه إذا جاز الانتفاع بجلدها فلأن يجوز الانتفاع بالجل بطريق الأولى.

وأما عدم جواز بيع جلد الأضحية أو شيء منها فلما تقدم في بيع الأضحية وهبتها.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٦٣٠) ٢: ٦١٣ كتاب الحج، باب يتصدق بجلود الهدي.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٣١٧) ٢: ٩٥٤ كتاب الحج، باب في الصدقة بلحوم الهدى وجلودها وجلالها.

<<  <  ج: ص:  >  >>