للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه لا يفرق بين الوالد والولد الطفل وفاقاً فكذلك كل ذوي رحم محرم.

وأما كونهم لا يفرق بينهم بعد البلوغ على رواية فلما ذُكر قبل.

وأما كونهم يفرق بينهم على رواية فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُفرق بين الأم وولدها. فقيل: إلى متى؟ قال: حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية» (١).

ولأن الأحرار يتفرقون بعد البلوغ فالعبيد أولى.

قال: (وإذا حصر الإمام حصناً لزمه مصابرته إذا رأى المصلحة فيه، فإن أسلموا أو من أسلم منهم أحرز دمه وماله وأولاده الصغار، وإن سألوا الموادعة بمالٍ أو غيره جاز إن كانت المصلحة فيه، وإن نزلوا على حكم حاكم جاز إذا كان بالغاً عاقلاً من أهل الاجتهاد).

أما كون الإمام إذا حصر حصناً يلزم مصابرته إذا رأى المصلحة فيها فلأن عليه فعل ما فيه مصلحة المسلمين وقد وُجدت. وكلام المصنف رحمه الله مشعرٌ بأن الإمام إذا رأى المصلحة في الانصراف جاز. وهو صحيح. صرح به في المغني؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف فلم ينَل منهم شيئاً فانصرف قبل فتح الحصن» (٢).

وأما قول المصنف رحمه الله: فإن أسلموا ... إلى آخره فمشعر بأنه يزول اللزوم المذكور إذا وجد منهم إسلام أو سؤال موادعة أو نزول على حكم حاكم. وهو صحيح: أما زواله بالإسلام فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» (٣). فعلى هذا من أسلم منهم حَقن دمه وماله وأولاده الصغار: أما الدم والمال فلأن في تتمة الحديث المذكور: «فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم».


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٩: ١٢٨ كتاب السير، باب الوقت الذي يجوز فيه التفريق.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٠٧٠) ٤: ١٥٧٢ كتاب المغازي، باب غزوة الطائف.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٥) ١: ١٧ كتاب الإيمان، باب {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٢) ١: ٥٣ كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ...

<<  <  ج: ص:  >  >>