للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: بل مع عدم الحاجة إلى العجلة. فإن دعتنا الحاجة جاز «لأن النبي صلى الله عليه وسلم جَدَّ حين بلغه قولَ عبدالله بن أبي: {ليخرجن الأعز منها الأذل} [المنافقون: ٨]» (١) لِيَشغل الناس عن الخوض فيه.

وأما كونه يُعد الزاد لهم فلأنهم ربما طال سفرهم عما عزموا عليه فيهلكون إذا لم يكن لهم زاد.

وأما كونه يقوي نفوسهم بما يخيل إليهم من أسباب النصر فلأن ذلك مما تستعين النفوس به على المصابرة ويعينها على القتال. وقد نبه الله تعالى على ذلك في القرآن حيث قال تعالى فيه: {وعدكم الله مغانمَ كثيرةً ... الآية} [الفتح: ٢٠].

قال: (ويعرّف عليهم العرفاء، ويَعقد لهم الألوية والرايات، ويجعل لكل طائفة شِعاراً يتداعون به عند الحرب).

أما كون الإمام يُعرّف العرفاء على جيشه؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرف عام خيبر على كل عشرة عريفاً».

ولأنه أقرب في جمعهم.

وأما كونه يعقد لهم الألوية والرايات؛ فلما روى ابن عباس «أن أبا سفيان حين أسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: احبسه على الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها. قال: فحبسته حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومرت به القبائل على راياتها».

والمراد بالألوية المطارد. قاله الجوهري. وبالرايات الأعلام.

وأما كونه يجعل لكل طائفة شعاراً يتداعون به عند الحرب؛ فلأن الإنسان ربما احتاج إلى نصرة صاحبه فإذا كان بينهم شِعار وهو العلامة دعى أحدهم صاحبه بها.

ولأن الإنسان ربما ضل فيهتدي بالشعار.

قال: (ويَتَخير لهم المنازل، ويتبع مكامنها فيحفظها، ويبعث (٢) العيون على العدو حتى لا يخفى عليه أمرهم).

أما كون الإمام يتخير لجيشه المنازل فلأن ذلك أرفق بهم، وفيه إعانة على السير.


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٨: ١٧٨ وعزاه إلى ابن أبي شيبة في تفسيره.
(٢) في المقنع: ويبث.

<<  <  ج: ص:  >  >>