للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن يكون مُقبلاً على القتال فإن كان مدبراً فلا سلب له؛ لأنه لم يغرر بنفسه في قتله.

وثالثها: أن يغرر بنفسه في قتله كالمبارز. فإن قتله بسهم من صف المسلمين فلا سلب له؛ لأن الخبر إنما ورد في المبارزة ونحوها.

ورابعها: أن يكون القاتل ذا حق في المغنم حراً كان أو عبداً، رجلاً أو صبياً. فإن لم يكن له حق كالمخذل والمرجف والكافر إذا حضر بغير إذن فلا سلب له؛ لأنه لا حق له في المغنم فغيره أولى. ولم يذكر المصنف رحمه الله هذا الشرط هنا، ونص عليه في الكافي.

وأما كونه لا يشترط في ذلك إذن الأمير على المذهب فلعموم ما تقدم من الأحاديث.

وأما كونه يُشترط على رواية؛ فلما روى عوف بن مالك «أن مددا غزا معهم فقتل علجاً فأعطاه خالد بعض سلبه وأمسك سائره. فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تعطه يا خالد» (١) رواه أبو داود.

والأول أصح؛ لما تقدم.

ولأن لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «من قتل قتيلاً فله سلبه» (٢) عام في غزوته وغيرها. ولذلك احتج به عوف بن مالك على خالد حين أخذ سلب المددي. فقال له عوف: «أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى».


(١) أخرجه مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك. قال: «قتل رجل من حمير رجلاً من العدو فأراد سلبه. فمنعه خالد بن الوليد. وكان والياً عليهم. فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عوفُ بن مالك فأخبره. فقال لخالد: ما منعك أن تعطيه سلبه؟ قال: استكثرته يا رسول الله! قال: ادفعه إليه. فمرّ خالد بعوف فجرّ بردائه. ثم قال: هل أنجزتُ لك ما ذكرتُ لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستُغضب. فقال: لا تعطه يا خالد! لا تعطه يا خالد! هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعي إبلا أو غنما فرعاها ثم تحّين سَقيها. فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صَفوه وتركت كدره. فصفوه لكم وكدره عليهم» (١٧٥٣) ٣: ١٣٧٣ كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل.
وأخرجه أبو داود في سننه (٢٧١٩) ٣: ٧١ كتاب الجهاد، باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى والفرس والسلاح من السلب.
(٢) سبق تخريجه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>