للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون أمان أحد الرعية يصح كما ذكره المصنف رحمه الله فلعموم الحديث. فعلى هذا لا يصح أمانه لأهل بلدة كبيرة ولا رستاق وجمع كبير ونحو ذلك لأنه يفضي إلى تعطيل الجهاد والافتيات على الإمام.

قال: (ومن قال لكافر: أنت آمن، أو لا بأس عليك، أو أجرتك، أو وقف، أو ألق سلاحك، أو مَتَرْس فقد أمّنه).

أما كون من قال لكافر: أنت آمن فقد أمنه فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» (١).

وأما كون من قال له: لا بأس عليك فقد أمّنه؛ «فلأن عمر رضي الله عنه لما قال للهرمزان: لا بأس عليك. قالت الصحابة رضوان الله عليهم: قد أمنته فلا سبيل لك عليه» (٢) رواه سعيد.

وأما كون من قال له: أجرتك فقد أمنه فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم هانئ رضي الله عنها: «قد أجرنا من أجرت» (٣).

وأما كون من قال له: قف أو ألق سلاحك فقد أمنه فلأن الكافر يعتقده أماناً أشبه قوله: لا بأس عليك.

وأما كون من قال له مترس فقد أمنه فلأن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «إن الله يعلم كل إنسان، فمن أتى منكم أعجمياً، فقال: مَتَرْس فقد أمنه» (٤).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٧٨٠) ٣: ١٤٠٦ كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٦٧٠) ٢: ٢٥٢ كتاب الجهاد، باب قتل الأسارى والنهي عن المثلة.
وأخرجه الشافعي في مسنده (٤٠٣) ٢: ١٢٠ كتاب الجهاد. كلاهما من حديث أنس.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٥٠) ١: ١٤١ أبواب الصلاة في الثياب، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفاً به.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٣٣٦) ١: ٤٩٨ كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى ...
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٦١٢) ٢: ٢٣٤ كتاب الجهاد، باب المرأة تجير على القوم.
(٤) إنما هو عن عمر، وقد ذكره البخاري تعليقاً عنه: «إذا قال مَتَرْس فقد آمنه، إن الله يعلم الألسنة كلها». ٣: ١١٥٨ كتاب الجزية، باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى موصولاً من حديث أبي وائل، قال: «جاءنا كتاب عمر: وإذا قال الرجل للرجل: لا تخف فقد آمنه، وإذا قال مَتَرْس فقد آمنه، فإن الله يعلم الألسنة» ٩: ٩٦ كتاب السير، باب كيف الأمان.
وقد أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٥٩٩) و (٢٦٠٠) ٢: ٢٣٠ كتاب الجهاد، باب الإشارة إلى المشركين والوفاء بالعهد.
وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (٩٤٢٩) ٥: ٢١٩ كتاب الجهاد، باب دعاء العدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>