للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستقر ذلك من قول عمر ولم يخالف غيره من الصحابة فكان إجماعاً.

وأما كون ذلك يؤخذ من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم فلأن حكم المأخوذ منهم حكم الزكاة، والزكاة تؤخذ في جميع هذه الصور فكذا يؤخذ منهم فيما هو ملحق بها.

وأما كون مصرف المأخوذ منهم مصرف الجزية على قول غير الخرقي فلأنه مأخوذ من مشرك.

ولأنه جزية مسماة بالصدقة، ولذلك قال عمر: «هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم».

وأما كون مصرفه مصرف الزكاة على قول الخرقي فلأنه مسمى باسم الصدقة مسلوك به فيمن يؤخذ منه مسالك الصدقة فيكون مصرفه مصرفها.

قال المصنف رحمه الله في المغني: الأول أقيس لأن المعنى أخص من الاسم. ولأنه لو كان صدقة على الحقيقة لجاز دفعه إلى فقراء من أخذت منهم كصدقات المسلمين.

وأما كون ذلك لا يؤخذ من كتابي غيرهم على المذهب فلأن قوله تعالى: {مِن الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية} [التوبة: ٢٩]، وقوله عليه السلام لمعاذ: «خذ من كل حالم ديناراً» (١) عامٌّ في كل كتاب خرج منها نصارى بني تغلب لفعل عمر وإجماع الصحابة عليه فيبقى فيما عداه على مقتضاه.

و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الجزية من أهل نجران» (٢) وكانوا نصارى.

و«أخذها من أكيدر دومة» (٣) وهو عربي.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٠٣٨) ٣: ١٦٧ كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية.
وأخرجه الترمذي في جامعه (٦٢٣) ٣: ٢٠ كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة البقر.
وأخرجه النسائي في سننه (٢٤٥٢) ٥: ٢٦ كتاب الزكاة، باب زكاة البقر.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه عن ابن عباس قال: «صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة النصف في صفر والبقية في رجب يؤدونها إلى المسلمين وعارية ثلاثين درعاً وثلاثين فرساً وثلاثين بعيراً وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد أو غدرة على أن لا تهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثاً أو يأكلوا الربا». (٣٠٤١) ٣: ١٦٧ كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية.
(٣) أخرج أبو داود في سننه عن أنس بن مالك وعن عثمان بن أبي سليمان «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكَيْدر دومة فأُخِذ فأتوه به فحقن له دمه وصالحه على الجزية». (٣٠٣٧) ٣: ١٦٦ كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية.

<<  <  ج: ص:  >  >>