وأما كونهم لا يمنعون شيئاً من ذلك إذا صولحوا في بلادهم على إعطاء الجزية فلأن الدار دارهم لا دار الإسلام بخلاف أهل الذمة فإنهم في دار الإسلام فمُنعوا من ذلك.
قال:(ويمنعون دخول الحرم. فإن قدم رسول لا بد له من لقاء الإمام خرج إليه ولم يأذن له. فإن دخل عزر وهدد. فإن مرض بالحرم أو مات أخرج، وإن دُفن نبش إلا أن يكون قد بَلِي).
أما كون الكفار يمنعون دخول الحرم فلأن الله تعالى قال:{يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}[التوبة: ٢٨]. والمراد الحرم بدليل قوله تعالى:{وإن خفتم عيلة}[التوبة: ٢٨] يريد ضرراً بتأخر الجلَب عن الحرم دون المسجد. وبدليل قوله تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام}[الإسراء: ١] أي من الحرم لأنه أسري به من بيت أم هانئ.
وأما كون الإمام يَخرج إلى الرسول الذي لا بد من لقاء الإمام فلأن المشرك ممنوع من دخول الحرم فإذا لم يكن بُدٌّ من الاجتماع بالإمام تعين خروجه إليه.
وأما كونه لا يأذن للرسول فلأن الدخول ممنوع منه وليس للإمام إذن في الممنوع منه.
وأما كون الرسول إذا دخل يعزر ويهدد فلهتكه الحرم بدخوله الممنوع منه. ولا بد أن يُلحظ في ذلك علمه بمنعه لأنه إذا لم يعلم ذلك يكون له عذر.
وأما كون من مرض بالحرم أو مات يُخرج فلأنه إذا لم يجز بقاؤه فيه في حياته فلأن لا يجوز بقاؤه في مرضه ومماته بطريق الأولى.
وأما كونه ينبش إذا دفن ولم يبل فلأن في ذلك وسيلة إلى إخراج الميت من الحرم أشبه ما لو لم يدفن.
وأما كونه لا ينبش إذا بلي فلأنه مع ذلك يتعذر نقله.