للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ويمنعون من الإقامة بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر. فإن دخلوا لتجارة لم يقيموا في موضع واحد أكثر من أربعة أيام. فإن مرض لم يخرج حتى يبرأ، وإن مات دفن به. ولا يمنعون من تيماء وفيد ونحوهما. وهل لهم دخول المساجد بإذن مسلم؟ على روايتين).

أما كون أهل الذمة يمنعون من الإقامة بالحجاز فلما روى أبو عبيدة بن الجراح أن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أخرجوا اليهود من الحجاز» (١) رواه أحمد وأبو داود.

وعن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلماً» (٢) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

والمراد الحجاز بدليل أن أحداً من الخلفاء لم يُخرج أحداً من أهل اليمن ولا أهل تيماء.

وأما قول المصنف رحمه الله: كالمدينة إلى آخره فتنبيه على أن المواضع المذكورة من الحجاز؛ لأن الحجاز سمي بذلك لأنه حجز بين تهامة ونجد وذلك موجود فيما ذكر.

وأما كونهم إذا دخلوا لتجارةٍ لم يقيموا في موضع واحد أكثر من أربعة أيام فلأن الزائد على الأربعة حدٌّ يُتم به المسافر.

وقال المصنف في المغني والكافي وصاحب النهاية فيها: لا يقيم أكثر من ثلاثة؛ لأن إذن عمر رضي الله عنه لمن دخل منهم تاجراً في إقامة ثلاثة أيام يدل على أنه لا يجوز أكثر من ذلك.

وأما كون من مرض لا يخرج حتى يبرأ فلأنه موضع ضرورة.

وأما كون من مات يدفن به فلأنه موضع حاجة.

وأما كونهم لا يمنعون من تيماء وفيد ونحوهما فلما تقدم من أن أحداً من الخلفاء لم يُخرج أحداً من ذلك.


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١٦٩٤) ١: ١٩٥.
وأخرجه الدارمي في سننه (٢٤٩٤) ٢: ١٦١ كتاب السير، باب إخراج المشركين من جزيرة العرب. ولم أره في أبي داود.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (١٦٠٧) ٤: ١٥٦ كتاب السير، باب ما جاء في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>