للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه حق غير مستقر في الجاني يملك أداؤه من غيره فلم يمنع البيع كالزكاة، أو حق ثبت بغير رضا سيده فلم يمنع بيعه كالدين في ذمته، أو تصرف في (١) الجاني فجاز كالعتق. وفارق الرهن من حيث إنه حق متعين فيه لا يجوز إبداله ومن حيث إنه يثبت الحق فيه برضى المالك.

وأما كون بيع القاتل في المحاربة يجوز في وجهٍ؛ فلأنه ينتفع به إلى حين قتله ويعتقه فيجر ولاء ولده فجاز بيعه كالمريض.

وأما كونه لا يجوز في وجهٍ؛ فلأنه متحتم القتل فلا منفعة فيه أشبه الميت.

وأما كون بيع لبن الآدميات يجوز في وجهٍ؛ فلأنه طاهر ينتفع به فجاز بيعه كلبن الشاة.

وأما كونه لا يجوز في وجهٍ؛ فلأنه مائع خرج من آدمية أشبه العرق.

ولأنه من الآدمي فلم يجز بيعه كسائر أجزائه.

قال: (وفي جواز بيع المصحف وكراهة شرائه وإبداله روايتان).

أما كون بيع المصحف لا يجوز في روايةٍ فلما في ذلك من صيانته.

وأما كونه يجوز في روايةٍ «فلأن ابن عباس سئل عن ذلك. فقال: لا بأس. يأخذون أجور أيديهم».

والأولى أولى لما ذكر.

ولأنه قول جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وأبو موسى وسعيد بن جبير. ولم يُعرف لهم مخالف في عصرهم. فكان إجماعاً.

قال الإمام أحمد: لا أعلم في بيع المصحف رخصة.

وقال ابن عمر: «وددت أن الأيدي تقطع في بيعها» (٢). أي في بيع المصاحف.

ولأنه مشتمل على كلام الله فوجب صيانته عن البيع.


(١) ساقط من هـ.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٠٢٠٢) ٤: ٢٩٢ كتاب البيوع والأقضية، من كره شراء المصاحف.
وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (١٤٥٢٥) ٨: ١١٢ كتاب البيوع، باب بيع المصاحف.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ١٦ كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المصاحف.

<<  <  ج: ص:  >  >>