قال المصنف رحمه الله:(الثالث: خيار الغبن. ويثبت في ثلاث صور:
إحداها: إذا تلقى الركبان فاشترى منهم وباع لهم فلهم الخيار إذا هبطوا السوق وعلموا أنهم قد غبنوا غبناً يخرج عن العادة).
أما كون الثالث خيار الغبن؛ فلأنه يلي الثاني.
وأما كون الركبان لهم الخيار إذا تُلُقّوا واشتريَ منهم أو بيع لهم فغبنوا؛ فلما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تَلَقّوا الجلب فمن تلقاه فاشتريَ منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار»(١) رواه مسلم.
وثبوت الخيار مشعر بأن البيع من الركبان والشراء لهم صحيح. وفي صحة ذلك روايتان:
إحداهما: أنه صحيح لأن النهي لا لمعنى في البيع بل يعود إلى ضرب من الخديعة يمكن استدراكه بالخيار أشبه بيع المصرّاة.
والرواية الثانية: أنه باطل لأنه منهي عنه أشبه بيع الحاضر للبادي.
والأولى أصح لما تقدم.
والفرق بين ما ذكر وبين بيع الحاضر للبادي أن بيع الحاضر لا يمكن استدراكه بالخيار لأن الضرر ليس عليه إنما هو على المسلمين بخلاف تلقي الركبان فإن الضرر عليهم، واستدراك ذلك حاصل بثبوت الخيار لهم فلا حاجة إلى إبطال البيع والشراء.
وأما ما يشترط لثبوت الخيار فأمران:
أحدهما: الغبن؛ لأنه إنما ثبت للخديعة ودفع الضرر عن البائع ولا ضرر مع عدم الغبن.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٥١٩) ٣: ١١٥٧ كتاب البيوع، باب تحريم تلقي الجلب.