للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الحديث مطلق؟

قيل: يجب حمله على ذلك للعلم بمعناه.

فإن قيل: لم قلت إن الحديث معناه ذلك؟

قيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جعل لهم الخيار إذا هبطوا السوق فُهم منه إرادة الغبن لأنه لولا ذلك لجعل لهم الخيار من حين البيع.

والثاني: تقدير الغبن بما يخرج عن العادة لأن الشرع لم يرد بتحديد ذلك فرجع فيه إلى ذلك كالحِرْز.

وقال أبو بكر في تنبيهه وابن أبي موسى في إرشاده: ذلك مقدر بالثلث لأن الثلث كثير بدليل قوله عليه السلام: «والثلث كثير» (١).

وقيل: هو مقدر بالسدس لأن الخيار لو ثبت بأقل من ذلك لأدى إلى بطلان كثير من العقود.

قال: (والثانية في النجش وهو: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليَغُر المشتري فله الخيار إذا غبن).

أما قول المصنف وهو أن يزيد في السلعة ... إلى المشتري؛ فبيان لمعنى النجش. وزاد فيه غيره (٢): أن يكون الذي زاد معروفاً بالحِذْق. ولا بد منه لأن التغرير لا يحصل للمشتري إلا بذلك. ويحتمل أن المصنف رحمه الله إنما ترك ذلك هنا لأن قوله ليغر المشتري مشعر به.

وأما كون المشتري يثبت له الخيار إذا غبن في البيع المذكور؛ فلأنه مغبون فوجب أن يثبت له الخيار كالركبان إذا تُلُقّوا فاشتريَ منهم وغبنوا.

وثبوت الخيار مشعر بصحة البيع. وفيه أيضا روايتان:

إحداهما: أنه صحيح؛ لأنه ثبت فيه الخيار بالقياس على الركبان. فكذلك الصحة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤١٤٧) ٤: ١٦٠٠ كتاب المغازي، باب حجة الوداع.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٦٢٨) ٣: ١٢٥٢ كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث.
(٢) في هـ: غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>