للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: أنه باطل؛ لما روى ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النّجْش» (١).

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَنَاجَشُوا» (٢) متفق عليهما.

ولأن في ذلك تغريراً بالمشتري وخديعة له فدخل في المنهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الخديعة في النار» (٣). وإذا كان منهياً عنه كان البيع باطلاً؛ لأن النهي يقتضي الفساد والبطلان.

والأول أصح؛ لأن النهي عائد إلى الناجش لا إلى العاقد فلم يؤثر في صحة البيع.

فإن قيل: لم يُقَيِّد المصنف رحمه الله الغبن في هذه المسألة بما يخرج عن العادة؟

قيل: قيده في المغني. وإنما تركه هنا؛ لأنه نبّه على ذكره في المسألة قبلها.

قال: (الثالثة: المسترسل إذا غبن الغبن المذكور.

وعنه: أن النجش وتلقي الركبان باطلان).

أما كون المسترسل يثبت له الخيار إذا غبن بما تقدم ذكره في الصورتين المتقدم ذكرهما؛ فلأنه غبن حصل بجهله بالمبيع فأثبت الخيار كالغبن في تلقي الركبان.

فإن قيل: ما المراد بالمسترسل المذكور؟

قيل (٤): الذي لا معرفة له بقيم السلع والأسعار، ولا يحصل له المعرفة بذلك بالتثبت. فلو كان عالماً بالغبن أو جاهلاً لكن لو توقف لعَرَف فغبن فلا خيار له:

أما العالم؛ فلأنه رضي بالغبن.

وأما المستعجل؛ فلأن الغبن حصل بتفريطه وتركه التثبت فكان كالراضي بالغبن.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٠٣٥) ٢: ٧٥٣ كتاب البيوع، باب النجش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٥١٦) ٣: ١١٥٦ كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه ...
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٧١٩) ٥: ٢٢٥٣ كتاب الأدب، باب {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ... }.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٤١٣) ٢: ١٠٣٣ كتاب النكاح، باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه ...
(٣) ذكره البخاري تعليقاً في صحيحه ٢: ٧٥٣ كتاب البيوع، باب النجش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع.
(٤) ساقط من هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>