للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله: (وهو نوعان: ربا الفضل، وربا النسيئة: فأما ربا الفضل فيحرم في الجنس الواحد من كل مكيل أو موزون وإن كان يسيراً كتمرة بتمرتين وحبة بحبتين. وعنه: لا يحرم إلا في الجنس الواحد من الذهب والفضة وكل مطعوم. وعنه: لا يحرم إلا في ذلك إذا كان مكيلاً أو موزوناً) (١).

أما قول المصنف رحمه الله: وهو نوعان؛ فعائد إلى الربا.

وأما كونه نوعين؛ فلأن (٢) منه ما يحرم فيه التفاضل ومنه ما يحرم فيه النسيئة.

وأما كون ربا الفضل يحرم؛ فلأنه ربا فيدخل فيما تقدم ذكره في أول الباب.

فإن قيل: فقد قال عليه السلام: «لا رِباً إلا في النَّسيئَة» (٣) رواه البخاري.

قيل: الحديث يحمل على الجنسين بدليل ما تقدم من الأحاديث. ثم هو مرجوح بالنسبة إلى ما تقدم لأنه مجمل وما تقدم مفصل. ويؤيده ما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الذهبُ بالذهبِ مِثلاً بمثل، والتمرُ بالتمرِ مِثلاً بمثل، والبُرّ بالبُرِّ مِثلاً بمثل، والمِلحُ بالملحِ مِثلاً بمثل، والشعيرُ بالشعيرِ مِثلاً بمثل فمن زَاد أو ازْدَادَ فقد أرْبَا» (٤). [رواه مسلم] (٥).

وأما كون ربا الفضل يحرم في الجنس الواحد من كل مكيل أو موزون على المذهب؛ فلأن علة المكيل كونه مكيل جنس وعلة الموزون كونه موزون جنس لأن أنساً روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وما وزن مثلاً بمثل إذا كان نوعاً واحداً، وما كيل مثلاً بمثل إذا كان نوعاً واحداً» (٦).

ولأن قضية البيع المساواة (٧)، والمؤثر في تحقيقها الكيل أو الوزن مع الجنس؛ لأن الكيل أو الوزن يسوي بينهما صورة والجنس يسوي بينهما معنى فكانا علة.


(١) في هـ: موزناً.
(٢) في هـ: فلأنه.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٠٦٩) ٢: ٧٦٢ كتاب البيوع، باب بيع الدينار بالدينار نساءً.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٥٩٦) ٣: ١٢١٨ كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً بمثل.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه (١٥٨٧) ٣: ١٢١١ كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً.
(٥) زيادة من ج.
(٦) أخرجه الدارقطني في سننه (٥٨) ٣: ١٨ كتاب البيوع.
(٧) في هـ: المواساة.

<<  <  ج: ص:  >  >>