للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الزيادة في الكيل محرمة دون الزيادة في غيره بدليل بيع الثقيلة بالخفيفة.

وأما كون ذلك يحرم وإن كان يسيراً كتمرة بتمرتين وحبة بحبتين كالكثير فلاشتراكهما في الزيادة الموجبة للتحريم.

وأما كون ذلك لا يحرم إلا في الجنس الواحد من الذهب والفضة وكل مطعوم على روايةٍ؛ فلأن العلة في الذهب والفضة الثمينة وفيما عداهما الطعم.

أما كون العلة في الذهب والفضة الثمينة؛ فلأن الثمينة وصف شريف إذ به قوام الأموال.

ولأن العلة لو كانت فيهما الوزن لما جاز إسلامهما في الموزونات لأن أحد وصفي علة ربا الفضل تكفي في تحريم النسيئة.

وأما كون العلة فيما عداهما الطعم فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلاً بمثل» (١) رواه مسلم.

ولأن الطعم وصف شريف إذ به قوام الأبدان.

وأما كون ذلك لا يحرم إلا في المطعوم إذا كان مكيلاً أو موزوناً؛ فلأن العلة فيما عدا الذهب والفضة كونه مطعوم جنس مكيلاً أو موزوناً لأن الطعم وكل واحد من وصفي الكيل والوزن له أثر فيجب التعليل به.

والأولى هي الصحيحة في المذهب لما تقدم.

وروى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين فإني أخاف عليكم الربا» (٢) رواه الإمام أحمد.

ولأن الطُّعم لو كان علة لجرى الربا في الماء لكونه مطعوماً قال الله تعالى: {ومن لم يطعمه فإنه مني} [البقرة: ٢٤٩]، ونهيه عليه السلام عن الطعام إلا مثلاً بمثل محمول على المطعوم المكيل أو الموزون، وكون الطعام وصفاً شريفاً ينافي تحريم البيع معه لأنه شرف من حيث تعلق الحاجة به وذاك يقتضي الإطلاق في التوصل إليه وشراءه بكل طريق ممكن ليحصل قوام البنية ويتمكن من العبادات.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٥٩٢) ٣: ١٢١٤ كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلاً بمثل.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٥٨٨٥) ٢: ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>