للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن رهن المرتد وما يسرع إليه الفساد يجوز؛ فلأن يجوز هذا بطريق الأولى.

قال: (ولا يجوز رهن العبد المسلم لكافر إلا عند أبي الخطاب إذا شرطا كونه في يد مسلم).

أما كون رهن العبد المسلم لكافر مع عدم شرط كونه في يد مسلم لا يجوز؛ فلأن مقتضى الرهن أن يكون المرهون في يد المرتهن والمرتهن هاهنا ليس أهلاً لذلك.

وأما كون رهنه مع شرط ذلك لا يجوز -قاله القاضي-؛ فلأن القبض واستدامته شرط والكافر لا يكون له يد على مسلم ولذلك أُمِر ببيع عبده إذا أسلم.

وأما كونه يجوز عند أبي الخطاب؛ فلأنه مال فجاز رهنه عند الكافر كسائر الأموال وما ذكر مندفع بالاشتراط المذكور.

قال: (ولا يلزم الرهن إلا بالقبض واستدامته شرط في اللزوم. فإن أخرجه المرتهن باختياره إلى الراهن زال لزومه. فإن رده إليه عاد اللزوم. ولو رهنه عصيراً فتخمر زال لزومه فإن تخلل عاد لزومه بحكم العقد السابق. وعنه: أن القبض واستدامته في المتعين ليس بشرط، فمتى امتنع الراهن من تقبيضه أُجبر عليه).

أما كون رهن غير المتعين لا يلزم بغير القبض؛ فلأن الله قال: {فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣]. وصفه بكونه مقبوضاً.

ولأنه عقد إرفاق يفتقر إلى القبول فافتقر إلى القبض كالقرض.

ولأنه رهن لم يقبض فلم يلزم إقباضه (١) كما لو مات الراهن.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله أنه لا فرق بين المكيل والموزون وغيرهما وصرح به في المغني لعموم ما ذكر. وحكي في المغني أيضاً عن بعض الأصحاب (٢) أنه قال: المكيل والموزون لا يلزم فيهما إلا بالقبض وفيما عداهما روايتان كالبيع. وهذا القياس ليس بصحيح لأنه يوهم أن البيع في غير المكيل والموزون لا يلزم في روايةٍ ولا خلاف في لزومه لأن أحد المتبايعين لو أراد فسخه لم يملكه بخلاف الرهن وإنما الخلاف في ضمانه هل هو


(١) في هـ: اقتباضه.
(٢) في و: أصحابنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>