للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على البائع أو على المشتري فإذاً حكم المقيس والمقيس عليه مختلف لأن الكلام في الرهن في اللزوم وفي البيع في الضمان.

وأما كون رهن المتعين لا يلزم إلا بالقبض على المذهب فكغيره.

وأما كونه يلزم بمجرد العقد على روايةٍ؛ فلأن تعيينه قائم مقام قبضه ولذلك قام مقام قبضه في البيع في رواية.

وأما كون استدامة القبض شرطاً في اللزوم على المذهب؛ فلما تقدم من قوله تعالى: {فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣].

ولأنها إحدى حالتي الرهن. فكان القبض فيها شرطاً؛ كالابتداء.

ولأن الرهن يراد للوثيقة (١) ليتمكن من بيعه واستيفاء دينه من ثمنه فإذا لم يكن في يده لم يتمكن من بيعه ولم يحصل وثيقة.

فعلى هذه الرواية إن أخرجه المرتهن باختياره زال اللزوم؛ لأن استدامة القبض شرط في اللزوم وقد زالت. فوجب أن يزول اللزوم لزوال شرطه. وقيد إخراج المرتهن الرهن باختياره احترازاً من خروجه لا باختياره؛ كالغصب والسرقة ونحوهما؛ لأن ذلك لا يزيل اللزوم؛ لأن يد المرتهن ثابتة عليه حكماً فكان حكمه حكم من لم يزل يده. وإن رده عاد اللزوم بحكم العقد السابق. ولا يحتاج إلى تجديد عقد؛ لأن العقد قد وجد، ولم يوجد ما يبطل الصحة. أشبه ما لو تراخى القبض عن العقد.

ولو كان الرهن عصيراً فتخمر زال لزومه أيضاً؛ لأن تخمير العصير بمنزلة إخراجه من يده في زوال يده؛ لأنه لا يد لمسلم على خمر.

ولأن صيرورته خمراً يخرجه عن صحة العقد؛ فلأن يخرجه عن اللزوم بطريق الأولى. وإن تخلل عاد لزومه بحكم العقد السابق؛ لأن صيرورته خمراً شارك إخراج الرهن من يد المرتهن في زوال اللزوم فوجب أن يشارك عوده خلاً عود الرهن إلى يد المرتهن في عود اللزوم. ولقائل أن يفرق بين إعادة الراهن الرهن وبين تخلل الخمر؛ لأن العقد مقتض للصحة واستدامة القبض شرط في اللزوم، فإذا زالت الاستدامة بقيت الصحة، فإذا عادت


(١) في هـ: للتوثيقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>