للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ويصح ضمان الحالّ مؤجلاً. وإن ضمن المؤجل حالاًّ لم يلزمه قبل أجله في أصح الوجهين).

أما كون ضمان الحال مؤجلاً يصح؛ فلما روى ابن عباس «أن رجلاً لزمَ غَريماً له بعشرة دنانير على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما عندي شيء أعطيكه. فقال: والله لا فارقتك حتى تَقضيَني أو تَأتيَني بِحَمِيلٍ. فجرّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال له (١) النبي صلى الله عليه وسلم: كَم تَستنظِرُه؟ قال: شهراً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا أحملُ. فجاءهُ في الوقتِ الذي قال النبي (٢) صلى الله عليه وسلم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أين أصبتَ هذا؟ قال: من مَعدن. قال: لا خيرَ فيها. وقضاها عنه» (٣).

ولأنه ضمن مالاً بعقد مؤجل. فكان مؤجلاً؛ كالبيع.

فإن قيل: الدين الحالّ لا يتأجل فكيف يتأجل على الضامن؟ أم كيف يثبت في ذمة الضامن على غير الوجه الذي يثبت في ذمة المضمون عنه؟

قيل: الحق (٤) يتأجل في ابتداء ثبوته إذا كان ثبوته بعقد، وهذا ابتداء ثبوته في حق الضامن فإنه لم يكن ثابتاً عليه حالاً. ويجوز أن يخالف ما في ذمة المضمون عنه بدليل: ما لو مات المضمون عنه والدين مؤجل.

وأما كونه إذا ضمن المؤجل حالاً لا يلزمه قبل أجله في وجهٍ؛ فلأن الضامن فرع المضمون عنه، فلا يستحق مطالبته دون أصله.

ولأن المضمون عنه لو ألزم نفسه تعجيل ذلك لم يلزمه فلأن لا يلزم الضامن أولى.


(١) ساقط من هـ.
(٢) في هـ: للنبي.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٣٣٢٨) ٣: ٢٤٣ كتاب البيوع، باب في استخراج المعادن.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٢٤٠٦) ٢: ٨٠٤ كتاب الصدقات، باب الكفالة.
(٤) ساقط من هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>