قيل: إن كانت بينته حاضرة عادلة فلا إشكال وإن كانت ميتة أو غائبة لم يرجع الضامن على المضمون عنه لإنكاره الوفاء الموجب للرجوع. ورجع عليه إن صدقه؛ لأنه معترف أنه ما قصر ولا فرط. وإن كانت البينة مردودة بأمر ظاهر كالكفر والفسق الظاهر لم يرجع عليه الضامن أيضاً صدقه أو كذبه للتفريط؛ لأن وجود هذه البينة كعدمها. وإن ردت بأمر خفي كالفسق الباطن أو لكون الشهادة مختلفاً فيها كشهادة العبيد ونحوها احتمل أن يرجع؛ لأنه قضاه ببينة شرعية والجرح والتعديل ليس إليه واحتمل أن لا يرجع؛ لأنه قضاء بمن لا يثبت الحق بشهادته.
وأما كون إنكار المضمون عنه إذا اعترف المضمون له بالقضاء لا يسمع؛ فلأن ما في ذمته حق للمضمون له فإذا اعترف بالقبض من الضامن فقد اعترف بأن الحق صار للضامن فيجب أن يقبل إقراره؛ لكونه إقرار في حق نفسه.
قال:(وإن قضى المؤجل قبل أجله لم يرجع حتى يحل. وإن مات المضمون عنه أو الضامن فهل يحل الدين عليه؟ على روايتين. وأيهما حل عليه لم يحل على الآخر).
أما كون الضامن لا يرجع بما قضاه قبل أجله؛ فلأنه متبرع بالتعجيل. فلم يرجع قبل الأجل؛ كما لو قضاه أكثر من الدين.
وأما كون الدين المؤجل يحل بموت المضمون عنه أو الضامن على روايةٍ؛ فلأن ذمة الميت تخرب بالموت. فلو لم يحل؛ لأدى إلى ضياع حقه مما له على الميت.
وأما كونه لا يحل على روايةٍ؛ فلأن التأجيل حق من حقوق الميت. فلم يبطل بموته؛ كسائر حقوقه.
ولأن موته لا يوجب حلول ماله فلا يجب حلول ما عليه.
وأما قول المصنف رحمه الله: وأيهما حل عليه لم يحل على الآخر فمعناه: أن المضمون عنه إذا مات وقلنا يحل عليه بالموت لم يحل على الضامن؛ لأن الإنسان لا يحل عليه دين بموت غيره بل يبقى الدين حالاً بالنسة إلى المضمون عنه مؤجلاً بالنسبة إلى الضامن، وذلك جائز؛ لما يذكر بعد إن شاء الله تعالى.
وكذا لو مات الضامن وقلنا: يحل بموته لا يحل على المضمون عنه؛ لما ذكر.