قال:(ولا تصح ببدن من عليه حد أو قصاص، ولا بغير معين كأحد هذين).
أما كون الكفالة ببدن من عليه حد لا تصح فلما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا كفالة في حد»(١).
ولأن الكفالة استيثاق يلزم الكفيل ما على المكفول عند تعذر إحضاره والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات فلا يدخل فيها الاستيثاق ولا يمكن استيفاؤها من غير الجاني.
وأما كونها ببدن من عليه قصاص لا تصح؛ فلأنه بمنزلة من عليه حد معنى فليكن بمنزلته حكماً.
وأما كونها بغير معين كأحد هذين لا يصح؛ فلأن المكفول به مجهول لا يعلم في الحال ولا في المآل بخلاف ضمان المجهول فإنه إن لم يمكن معرفته في الحال يمكن معرفته في المآل.
قال:(وإن كفل بجزء شائع من إنسان أو عضو، أو كفل بإنسان على أنه إن جاء به وإلا فهو كفيل بآخر أو ضامن ما عليه صح في أحد الوجهين).
أما كون الكفالة بجزء شائع من إنسان كثلثه أو ربعه يصح؛ فلأنه لا يمكنه إحضار ذلك إلا بإحضار الكل.
وأما كونها بعضو كيده أو رجله أو ما أشبههما يصح؛ فلأنه لا يمكنه إحضاره على صفته إلا بإحضار الكل.
وأما كونها إذا كفل بإنسان على أنه إن جاء به وإلا فهو كفيل بآخر أو ضامن ما عليه يصح؛ فلأن ذلك كفالة أو ضمان فصح تعليقه على شرط كضمان العهدة.
وأما قول المصنف رحمه الله: في أحد الوجهين فإشارة إلى الخلاف والخلاف في الصور الثلاث: أما الصحة فقد تقدم دليلها، وأما عدم الصحة: أما في الجزء الشائع والعضو؛ فلأن تسليم ذلك وحده متعذر والسراية ممتنعة، وأما في الصور الثلاثة؛ فلأنه تعليق عقد على آخر. فلم يصح؛ كالبيع المعلق على آخر.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٧٧ كتاب الضمان، باب ما جاء في الكفالة ببدن من عليه حق.