وقال المصنف رحمه الله في المغني: قال القاضي: ولا تصح الكفالة ببعض البدن بحال؛ لأن ما لا يسري لا يصح إذا خص به عضو كالبيع والإجارة.
وظاهر قول القاضي: أنه لا تصح الكفالة بالجزء الشائع ولا بالعضو؛ لأنه قال: لا تصح ببعض البدن، وما ذكره من التعليل لا يدل على عدم الصحة في الجزء الشائع؛ لأن بيع ذلك وإجارته جائزة. ولم يفرّق المصنف رحمه الله في العضو بين كونه مما لا يبقى البدن بدونه؛ كالرأس والكبد، ولا بين كونه يبقى؛ كاليد والرجل.
وذكر في الكافي: إذا تكفل بوجهه صح، ولم يحك فيه خلافاً. وهو الظاهر الذي ينبغي حمل كلامه هاهنا عليه؛ لأن الوجه يكنى به عن الكل فصح كما لو تكفل ببدنه.
وحكى في الكافي أيضاً وجهاً ثالثاً في الفرق بين ما لا يبقى البدن بدونه؛ كالرأس، وبين ما يبقى؛ كاليد وشبهها.
قال:(ولا تصح إلا برضا الكفيل. وفي رضا المكفول به وجهان).
أما كون الكفالة لا تصح إلا برضا الكفيل؛ فلأنه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه.
وأما كونها لا تصح إلا برضا المكفول به في وجهٍ؛ فلأن مقصودها إحضاره فإذا تكفل بغير إذنه لم يلزمه الحضور معه.
وأما كونها تصح بدونه في وجهٍ؛ فبالقياس على الضمان.
والأولى أولى؛ لما ذكر. وبه يظهر الفرق بين الكفالة وبين الضمان؛ لأن مقتضى الكفالة إحضار المكفول به فإذا كان بغير إذنه لم يلزمه الحضور فلا يحصل مقصود الكفالة. والضمان تمكين الضامن أن يقضي الدين ولا يحتاج إلى المضمون عنه.
قال:(ومتى أحضر المكفول به وسلمه برئ إلا أن يحضره قبل الأجل وفي قبضه ضرر).
أما كون الكفيل إذا أحضر المكفول به وسلمه إلى المكفول له عند الأجل أو بعده يبرأ؛ فلأن المسلَم فيه لو أحضره المسلَم إليه عند الأجل أو بعده لزم قبوله فكذا هاهنا؛ لأنه في معناه.