للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يجب عليه مسح جميعه على المذهب؛ فلأن الباء في قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} [المائدة: ٦] ليست للتبعيض.

قال ابن برهان: من زعم أن الباء للتبعيض فقد جاء أهلَ العربية بما لا يعرفونه.

وإذا لم تكن للتبعيض تعين كونها للإلصاق وذلك يوجب مسح الجميع.

وأما كونه يجزئه مسح الأكثر على روايةٍ؛ فلأن الكل قد يطلق ويراد به الأكثر كما يقال: جاء العسكر. إذا جاء أكثره.

وعن الإمام أحمد يجزئ المرأة مسح مقدمة رأسها بخلاف الرجل؛ «لأن عائشة رضي الله عنها كانت تمسح مقدم رأسها».

وعنه: يجزئهما مسح البعض؛ «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح بناصيته وعمامته» (١) رواه مسلم.

والأول أصح لما تقدم.

ولأن الإجماع منعقد على الاستيعاب في التيمم في قوله: {فامسحوا بوجوهكم} [المائدة: ٦] فليكن الباقي قوله: {وامسحوا برءوسكم} [المائدة: ٦] كذلك.

وإما إطلاق الكل وإرادة الأكثر فمجاز. والأصل الحقيقة.

وأما مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - بناصيته وعمامته فلا حجة فيه لأن مسح العمامة جائز عندنا. وإذا ظهرت ناصيته مسح عليها وعلى باقي العمامة فلا يكون ذلك مسحًا لبعض الرأس لأن مسح العمامة ناب عن مسح باقي الرأس فيكون الرأس جميعه ممسوحًا.

وأما كونه يمسح جميعه مع الأذنين؛ فلأنهما منه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الأذنان من الرأس» (٢) رواه أبو داود.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٤) ١: ٢٣٠ كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (١٣٤) ١: ٣٣ كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه ابن ماجة في سننه (٤٤٤) ١: ١٥٢ كتاب الطهارة، باب الأذنان من الرأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>