للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن الحاكم إذا استناب دخل في ذلك إثبات الحدود، وإذا دخل ذلك في التوكيل بطريق العموم؛ فلأن يدخل بطريق الخصوص بطريق الأولى.

وأما كون الاستيفاء يجوز في حضرة الموكل؛ فكسائر الحقوق.

وأما في غيبته فينظر فيه فإن كان ذلك في زنا وشبهه جاز؛ لأنه لا يحتمل العفو حتى يدرأ بالشبهة، وإن كان في قصاص أو حد قذف فالمذهب جوازه أيضاً؛ لأن ما جاز للوكيل استيفاؤه في حضرة الموكِّل جاز في غيبته. دليله حد الزنا وسائر الحقوق.

وقال بعض الأصحاب: لا يجوز؛ لأنه يحتمل أن يعفو عنه حال غيبته فيسقط، وهذه شبهة تمنع من استيفائه.

ولأن العفو مندوب إليه فإذا حضر جاز أن يرحمه فيعفو عنه.

قال المصنف رحمه الله في المغني: ظاهر المذهب جواز الاستيفاء لما ذكر. وأجاب عن احتمال العفو بأن الأصل عدمه. وهو بعيد فلا يؤثر. ألا ترى أن قُضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يحكمون في البلاد بالحدود مع احتمال النسخ.

قال: (ولا يجوز للوكيل التوكيل فيما يتولى مثله بنفسه إلا بإذن الموكِّل. وعنه: يجوز. وكذلك الوصي والحاكم. ويجوز توكيله فيما لا يتولى مثله بنفسه [أو يعجز عنه لكثرته).

أما كون الوكيل لا يجوز له التوكيل فيما يتولى مثله بنفسه] (١) إذا لم يأذن الموكل له في ذلك على المذهب؛ فلأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمّنه إذنه له لكونه يتولى مثله.

وأما كونه يجوز (٢) له ذلك على روايةٍ؛ فلأنه وكيله فملك ذلك كما لو وكله فيما لا يتولى مثله.

قال المصنف في المغني: والأول أولى؛ لما ذكر.

ولأنه استئمان فلم يكن له أن يوليه غيره مع إمكان فعله بنفسه كالوديعة.


(١) ساقط من هـ.
(٢) في و: لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>