وأما كونه يجوز له ذلك فيما لا يتولى مثله بنفسه لكونه دنيئاً والوكيل شريفاً لا يليق به أن يباشر ذلك، وفيما يعجز عنه لكثرته رواية واحدة؛ فلأن حال الوكيل وكثرة الموكل فيه قرينة صارفة للوكالة إلى ذلك.
وظاهر كلام المصنف جواز التوكيل في الكل إذا كان كثيراً لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل فجاز في كله كما لو أذن في التوكيل بلفظه.
وقال القاضي: وعندي أنه يوكل فيما زاد على ما يتمكن من فعله؛ لأن التوكيل إنما جاز للكثرة فاختص بذلك بخلاف التوكيل بالإذن.
وأما كونه يجوز له التوكيل إذا أذن له الموكل فيه رواية واحدة؛ فلأنه عقد أذن له فيه فكان له ذلك عملاً بالإذن.
فإن قيل: فإن نهاه عن ذلك؟
قيل: لا يجوز له التوكيل رواية واحدة عملاً بالنهي.
وأما كون حكم الوصي والحاكم حكم الوكيل؛ فلأن كل واحدٍ متصرف بالإذن. أشبه الوكيل.
وقال المصنف في المغني في باب الوكالة بعد ذكر الوكيل: قال أصحابنا: الحكم في الوصي يوكل فيما أوصي به إليه، وفي الحاكم يولى القضاء في ناحية هل له أن يستنيب غيره؟ حكم الوكيل على التفصيل الذي ذكرناه سواء. ثم قال: إلا أن القاضي قال: المنصوص في روايةٍ مهنا جواز ذلك. وقال فيه أيضاً في باب المصراة بعد قوله: ويتجر الوصي بمال اليتيم: قال القاضي: يجوز للوصي أن يستنيب فيما يتولى مثله بنفسه وما لا يتولى مثله بنفسه، فأما الوكيل فهل له أن يستنيب فيما يتولى مثله بنفسه على روايتين. والفرق بينهما: أن الوكيل يمكنه الاستئذان بخلاف الوصي. ثم قال: قال أبو بكر: في الوصي روايتان كالوكيل. فحاصل ذلك أن المصنف نقل في موضعٍ الفرق بين الوصي والوكيل، وفي موضع آخر التسوية بينهما.
فعلى القول بالتسوية لم يحتج إلى ذكر الفرق، وعلى القول بالفرق فقد نبه المصنف رحمه الله عليه فيما تقدم.