للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول أصح؛ لما تقدم.

وأما كون خروج كثير ذلك ينقض؛ فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث فاطمة: «أنه دم عرق فتوضئي لكل صلاة» (١) رواه الترمذي.

ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبه الخارج من السبيل.

وأما كون الكثير الناقض للوضوء هو ما فحش في النفس دون غيره؛ فلأن ابن عباس قال: هو ما فحش في نفسك.

وعن الإمام أحمد: هو شبر في شبر.

وعنه: ما يرفعه الأصابع العشر.

والأول هو ظاهر المذهب.

قال الخلال: الذي استقر عليه مذهبه - يعني الإمام أحمد رضي الله عنه - أنه - أي أن الكثير - قدر ما يستقبحه كل إنسان في نفسه.

وقال ابن عقيل: إنما يعتبر ما يفحش في نفوس أوساط الناس لا المبتذلين ولا الموسوسين كما يعتبر في اللقطة فيما لا تتبعه همة (٢) نفوس أوساط الناس غير ذي الشرف وأهل الدناءة.

قال: (الثالث: زوال العقل إلا النوم اليسير جالسًا أو قائمًا. وعنه أن نوم الراكع والساجد لا ينقض يسيره).

أما كون زوال العقل بغير النوم من نواقض الوضوء؛ فلأن زائل العقل لا يشعر بخروج الخارج.

ولأن زوال العقل بالنوم ينقض لما يأتي؛ فلأن ينقض بغيره بطريق الأولى لأن زواله بغير النوم أشد من زواله بالنوم لأن زائل العقل بغير النوم لا ينتبه إذا نُبّه بخلاف زائل العقل بالنوم فإنه إذا نُبه انتبه.

وأما كون زواله بالنوم الكثير من نواقض الوضوء؛ فلأن مقتضى الدليل نقض الوضوء بزوال العقل مطلقًا لما تقدم. تُرك العمل به في النوم اليسير لما يأتي فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضاه.


(١) أخرجه الترمذي في جامعه (١٢٩) ١: ٢٢٩ أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة، أنها تغتسل عند كل صلاة.
(٢) في ب: الهمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>