وفي كلام المصنف رحمه الله حذف تقديره: وإن فتح قفصاً عن طائره فطار، أو حلّ قيد عبده فهرب، أو رباط فرسه فشرد؛ لأن الطائر لو بقي في القفص، أو لم يهرب العبد، أو لم يشرد الفرس فتلف ذلك بآفة سماوية لم يجب الضمان؛ لأنه لم يحصل التلف بسبب فعله. وإنما حذف المصنف ذلك اعتماداً على ظهوره.
ولأنه نبّه على مثل ذلك فيما ساواه وهو في قوله: فاندفق. بعد قوله: أو وكاء زِقٍّ مائعٍ أو جامد.
وأما كونه يضمن إذا بقي المائع بعد حلّ زقه قاعداً فألقته الريح فاندفق على المذهب؛ فلما تقدم ذكره في الصورة المذكورة.
وأما كونه لا يضمن ذلك على قول القاضي؛ فلأن فعله غير ملجئ. فلم يتعلق به ضمان؛ كما لو دفعه إنسان.
والأول أصح؛ لأنه لم يتخلل بين فعله وبين التلف مباشرةٌ يمكن إحالةُ الحكم عليها. فوجب الضمان عليه؛ كما لو جُرح فمات عقيب ذلك. ثم ما ذكره القاضي منتقضٌ بما إذا أذابته الشمس مع أنه لا يقول فيه بعدم الضمان.
قال:(وإن ربط دابةً في طريق فأتلفت، أو اقتنى كلباً عقوراً فعقر، أو خرق ثوباً: ضمن. إلا أن يكون دخل منزله بغير إذنه. وقيل: في الكلب روايتان في الجملة).
أما كون من ذكر يضمن ما أتلفته الدابة إذا ربطها في طريقٍ؛ فلأنه مُتعدٍّ بربطها.
وأما ضمان ما أتلفه الكلب العقور فينظر فيه: فإن كان التلف في غير ملك مقتنيه (١) وجب عليه ضمان ما أتلفه؛ لأنه مفرّط باقتنائه. وإن كان التلف في ملكه نظرتَ: فإن كان المعقور دخل بغير إذنٍ فلا ضمان؛ لأنه متعدٍّ في الدخول متسبب