إلى إتلاف نفسه بجنايته، وإن كان دخل بإذنٍ فعلى مقتنيه ضمانه؛ كما لو كان في داره بئر مغطاة فأذن لإنسان فدخل فوقع فيها.
وقال بعض الأصحاب: في الكلب روايتان في الجملة: أي روايةِ أنه يضمن سواء دخل بإذن أو بغير إذن؛ لأن مقتنيه متعدٍّ في اقتنائه، وذلك يناسب الضمان؛ لما فيه من المبالغة في الزجر. ورواية: أنه لا يضمن بحالٍ؛ لأنه لم يحصل منه جناية. ويمكن أن يجاب عنه بأنه متسبب.
قال:(وإن أجّج ناراً في ملكه، أو سقى أرضه فتعدى إلى ملك غيره فأتلفه: ضمن إذا كان قد أسرف فيه أو فرّط، وإلا فلا).
أما كون من ذكر يضمن إذا أسرف أو فرّط؛ فلأن التلف بذلك سرايةُ فعل محظور. فوجب أن يضمن؛ كما لو باشر ذلك بالإتلاف.
وأما كونه لا يضمن إذا لم يوجد ذلك؛ فلأنه غير متعد.
ولأنها سرايةُ فعل مباح. أشبه سراية القود. وفارق ما إذا حلّ زِقاً فاندفق ما فيه فإنه من آثار فعلٍ هو متعدٍّ فيه.
قال:(وإن حفر في فنائه بئراً لنفسه ضمن ما تلف بها. وإن حفرها في سابلةٍ لنفع المسلمين لم يضمن في أصح الروايتين).
أما كون صاحب الفناء يضمن ما أُتلف بالبئر التي حفرها لنفسه؛ فلأنه متسبب إلى إتلاف غيره. فوجب الضمان عليه؛ كواضع السكين.
وأما كونه لا يضمن إذا حفرها في سابلةٍ لنفع المسلمين في روايةٍ؛ فلأنه غير منسوبٍ إلى عدوان. إذْ قصده نفع المسلمين لا نفع نفسه.
وأما كونه يضمن في روايةٍ؛ فلأنه مأذون له في ذلك بشرط سلامة العاقبة، ولم توجد.
قال: (وإن بسط في مسجد حصيراً، أو علّق فيه قنديلاً: لم يضمن ما تلف به. وإن جلس في مسجدٍ، أو طريقٍ واسعٍ فعثرَ به حيوان: لم يضمن في أحد