للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون ذلك مع يمينه؛ فلاحتمال أن لا تكون له. ولهذا لو ادعى شخص داراً في يد آخر وطلب يمينه لزمته. فكذلك هاهنا.

وأما كون المودَع يحلف أيضاً؛ فلأن من لزمه الدفع إذا أقرّ، لزمه اليمين إذا أنكر.

وأما كونها لهما إذا أقرّ بها لهما، وكونه يحلف لكل واحدٍ منهما؛ فلما ذكر قبل.

وأما كونه يحلف أنه لا يعلم إذا قال: لا أعرف صاحبها؛ فلأنه يحتمل كذبه.

ولأن كل موضعٍ يُقضى فيه مع الإقرار تجب اليمين فيه مع الإنكار، وهاهنا لو أقرّ بها لهما أو لأحدهما قضي عليه.

وفي قول المصنف رحمه الله: حلف أنه لا يعلم؛ إشعارٌ بأن اليمين واحدة لا ثنتان نظراً إلى تعدد المدعي. وصرح به في المغني. ووجهه أن المدعى أمر واحد وهو العلم بعين المالك وبهذا فارق ما إذا أنكرهما من حيث إن كل واحدٍ منهما يدعي أنها له فهما دعوتان.

وأما كونه يقرع بينهما؛ فلأنهما تساويا في الحق فيما ليس بأيديهما. فوجب أن يقرع بينهما، كالعبدين إذا أعتقهما المريض فلم يخرج من الثلث إلا أحدهما، وكما لو أراد السفر بإحدى نسائه.

وأما كون من قرع يحلف؛ فلأنه يحتمل أنها ليست له.

وأما كونه يأخذ الوديعة إذا قرع (١) وحلف؛ فلأن ذلك فائدةَ القرعة.

قال: (وإن أودعه اثنان مكيلاً أو موزوناً (٢). فطلب أحدهما نصيبه: سلمه إليه).

أما كون المودَع يُسَلم نصيب الطالب إليه؛ فلأنه حق مشترك. يمكن تمييز أحدهما من الآخر من غير حيف محقق ولا موهوم فغيبة أحد الشريكين لا يمنع تمييز نصيب الحاضر. دليله الدين المشترك.

فإن قيل: في الدين يدفع مال نفسه، وهاهنا يأخذ عين مال غيره.

قيل: بل هنا يأخذ عين ماله؛ لأن القسمة في المثلي إقرار لا بيع.


(١) في هـ: أقرع.
(٢) في هـ: موزناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>