للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يقبل قوله في الرد والتلف إذا قال: ما لك عندي شيء؛ فلأن قوله أولاً لا يناقض قوله ثانياً؛ لأن من أخذ وديعة فتلفت أو ردّها يصح أن يقول: ما لك عندي شيء، لأنه صادق.

قال: (وإن مات المودَع فادعى وارثُه الردَّ: لم يُقبل إلا ببينة. وإن تلفت عنده قبل إمكان ردّها لم يضمنها، وبعده يضمنها في أحد الوجهين).

أما كون وارث المودَع لا تُقبل دعواه في الرد إذا لم تكن بينة؛ فلأن دعوى الرد من المودَع إنما تقبل لكونه أمين المودِع، وهذا مفقود في وارثه؛ لأن المالك لم يأتمنه (١).

وأما كونه تقبل دعواه إذا كان له بينة؛ فلأن البينة تُظهر صدق دعواه.

وأما كونه لا يضمنها إذا تلفت عنده قبل إمكان ردها؛ فلأنه معذورٌ. قال الله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: ٢٨٦].

وأما كونه يضمنها بعد الإمكان في وجهٍ، فلأن مال الغير صار في يده من غير أن يودعه إياه. فوجب ضمانه إذا لم يردّه مع إمكانه، كما لو أطارت الريح ثوب رجلٍ إلى سطحٍ آخر، وأمكنه ردّه. فلم يفعل.

وأما كونه لا يضمنها في وجهٍ؛ فكما لو تلفت قبل (٢) الإمكان.

ولأن يده نائبةٌ عن موروثه، ولو تلفت عند موروثه مع إمكان الرد لم يضمن. فكذلك هذا.

قال: (وإن ادعى الوديعة اثنان. فأقرّ بها لأحدهما: فهي له مع يمينه. ويحلف المودَع أيضاً. وإن أقر بها لهما فهي لهما، ويحلف لكل واحدٍ منهما. فإن قال: لا أعرف صاحبها حلف أنه لا يعلم، ويقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وأخذها).

أما كون الوديعة للمُقَرِّ له وحده؛ فلأن إقراره له بيّن أن يده نائبة عن يد المدعي. واليدُ دليل الملك.


(١) في هـ: يثمنه.
(٢) في هـ: بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>