للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وله إقطاع الجلوس في الطرق الواسعة، ورحاب المساجد ما لم يضيّق على الناس. ولا يُملك ذلك بالإحياء. ويكون المُقْطَعٌ أحق بالجلوس فيها. فإن لم يقطعها فلمن سبق الجلوس فيها. ويكون أحق بها ما لم ينقل قُماشه (١) عنها. فإن أطال الجلوس فيها فهل يزال؟ على وجهين).

أما كون الإمام له إقطاع ما ذُكر ما لم يضيّق على الناس؛ فلأن ذلك يباح الجلوس فيه، والانتفاع به. فجاز للإمام إقطاعه، كالأرض الميتة.

وقول المصنف رحمه الله: ما لم يضيق على الناس؛ مشعرٌ بأنه ليس له ذلك إذا ضيّق على الناس. وهو صحيح؛ لأن فيه مضرةٌ على الناس. وليس للإمام أن يأذن فيما لا مصلحة فيه. فضلاً عمّا فيه مضرة.

وأما كون المقطع لا يملك ذلك بالإحياء؛ فلما ذُكر في إقطاع الأرض.

وأما كون من سبق له (٢) الجلوس إذا لم يقطعها الإمام؛ فلاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار (٣) على إقرار الناس على ذلك من غير إنكار.

ولأنه ارتفاق بمباحٍ من غير إضرارٍ فلم يمنع منه كالإحياء.

وأما كونه أحق بها من غيره ما لم ينقل قُماشَه عنها؛ فلأنه سبق إلى شيء مباح. أشبه من سبق إلى ماءٍ أو كلأٍ. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مِنَى مُناخُ منْ سَبَق» (٤).

وقول المصنف رحمه الله: ما لم ينقل قُماشَه عنها؛ مشعرٌ بأنه إذا نقل قُماشه عنها كان للغير الجلوس فيها. وصرح به في المغني؛ لأن صاحب القُماش زالت يده برفع قُماشه. بخلاف ما لو أقام ولم يرفع قُماشه فإنه لا يكون للغير الجلوس فيها؛ لأن الأول لم تزل يده.

وأما كون قُماشه يُزال إذا أطال الجلوس فيها على وجهٍ؛ فلأنه يصير كالمتملك، وتملكه لا يجوز.


(١) قماش البيت: متاعُه. مختار الصحاح، مادة قمش.
(٢) في أ: إلى.
(٣) سقطت جملة: في جميع الأعصار من هـ.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٥: ١٣٩ كتاب الحج، باب النزول بمنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>