وأما كون من فعل ذلك قبل بلوغه الجعل لا يستحقه؛ فلأن فعله وقع غير مأذون فيه. فلم يستحق الجعل، كما لو لم يبلغه.
ولأن الجعل عوض عن مجموع فعله وردّه، وقد وجد الفعل قبل الجعل.
ولأنه بذل منافعه بغير عوضٍ جُعِلَ له. فيكون عاملاً في مال غيره بغير إذنه. فلم يستحق شيئاً؛ لما يذكر في موضعه.
وأما كونه لا يستحقه سواء رده قبل بلوغ الجعل أو بعده؛ فلما تقدم من أن الجعل بدل عن الفعل والرد، والفعل فائت في الرد قبل البلوغ كما هو فائت في الرد بعده.
قال:(وتصح على مدةٍ مجهولةٍ وعملٍ مجهولٍ إذا كان العوضُ معلوماً).
أما كون الجُعالة تصح على مدة مجهولة، وعملٍ مجهول إذا كان العوض معلوماً؛ فلأن الله تعالى قال:{ولِمَنْ جاء به حِمْلُ بعير}[يوسف: ٧٢]، ولم يذكر المدة ولا العمل.
ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك. فجاز مع الجهالة، كالمضاربة.
وأما قول المصنف رحمه الله: إذا كان العوض معلوماً؛ فمشعرٌ بأنه لا تصح الجُعالة إذا كان العوض مجهولاً وهو صحيح؛ لأنه يجب تسليم العوض، وذلك متعذرٌ في المجهول.
قال:(وهي عقد جائز لكل واحدٍ منهما فسخها. فمتى فسخها العامل لم يستحق شيئاً. وإن فسخها الجاعل بعد الشروع فعليه للعامل أجرة عمله. وإن اختلفا في أصل الجعل أو قدره فالقول قول الجاعل).
أما كون الجعالة عقداً جائزاً؛ فلأنها عقدٌ يجوز على مجهولٍ. فكانت جائزةً، كالمضاربة.
وأما كون كل واحدٍ من الجاعل، والمجعول له: له فسخها؛ فلأن ذلك شأن كل عقدٍ جائز.
وأما كون العامل لا يستحق شيئاً إذا فسخ الجعالة؛ فلأنه إنما يستحق الجعل بعد الفراغ من عمله، ولم يحصل.