للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: مني الرجل ماء ثخين أبيض له رائحة كرائحة العجين تشتد الشهوة عند خروجه ويعقبه فتور. ومني المرأة ماء رقيق أصفر رائحته تشبه رائحة بيضٍ منتن؛ لما روى أنس «أن أم سُليم سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل. فقال - صلى الله عليه وسلم -: إذا رأت ذلك فأنزلت فعليها الغسل. فقالت أم سُليم: أَوَيكون ذلك. قال: نعم. ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر. فأيهما سبق أو علا أشبهه الولد» (١) رواه مسلم.

قال: (وإن أحس بانتقاله فأمسك ذكره فلم يخرج فعلى روايتين. فإن خرج بعد الغسل، أو خرجت بقية المني لم يجب الغسل. وعنه يجب. وعنه يجب إذا خرج قبل البول دون ما بعده).

أما كون من أحس بانتقال منيه فأمسك ذكره فلم يخرج يجب عليه الغسل على روايةٍ فلقوله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: ٦]. لأن الجنابة مشتقة من المجانبة والمباعدة ولذلك فسر قوله تعالى: {والجار الجنب} [النساء: ٣٦] بالبعيد في النسب. وقيل: بالبعيد في الدين. وهذا المني قد جانب محله فصاحِبُه جنب فيدخل تحت قوله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: ٦].

وأما كونه لا يجب عليه على روايةٍ؛ فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الاغتسال على رؤية المني في قوله: «نعم إذا رأت الماء» (٢). وعلقه على الفضخ في قوله: «إذا فضخت الماء فاغتسل» (٣). ولم يوجد واحد منهما.

ولأن الشهوة بمجردها لا توجب الغسل لأنها أحد وصفي العلة.

والأولى هي الصحيحة في المذهب لما ذكر.

ولأن المني المذكور في حكم المني المفضوخ.

وأما كونه لا يجب عليه الغسل إذا خرج بعد الغسل مطلقًا على المذهب؛ فلأنها جنابة واحدة فلم يجب بها غسلاً كما لو خرج الماء دفعة واحدة.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٣١١) ١: ٢٥٠ كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المنيّ منها.
(٢) سبق تخريجه في الحديث السابق.
(٣) سبق تخريجه ص: ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>