للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ولا يصح الوقف في الذمة كعبدٍ ودارٍ، ولا غير معين كأحد هذين، ولا وقف ما لا يجوز بيعُه كأم الولدِ والكلب، وما لا ينتفع به مع بقائه دائماً كالأثمان والمطعوم والرياحين).

أما كون الوقف في الذمة لا يصح؛ فلأن معنى الوقف إبطال ملكٍ في عين. [فلا يصح إلا في عينٍ] (١)؛ كالعتق.

وأما كون وقف غير معينٍ لا يصح؛ فلأن الوقف تمليكٌ للعين أو للمنفعة. فلا يصح في غير معينٍ؛ كالإجارة.

وأما كون وقف ما لا يجوز بيعه لا يصحُ؛ فلأن الوقف نقلٌ للملكِ في العين. فلم يصح فيما لا يجوز بيعه؛ كهبته.

وأما كون وقف ما لا يُنتفع به مع بقائه دائماً؛ كالأثمان: لا يصح؛ فلأن النفع بذلك لا يمكن إلا بإتلاف عينه، وذلك ينافي تأبيدَ الوقف.

وفي قول المصنف رحمه الله: وما لا ينتفع به مع بقائه دائماً كالأثمان والمطعوم والرياحين نظرٌ؛ لأن المطعوم والرياحين لا تبقى دائماً فلا يصح التمثيل به. وصحة الكلام دائرة مع أحد أمرين: حذف التمثيل بهما، والاكتفاء بالتمثيل بالأثمان، أو حذف مع بقائه؛ لأن المطعوم والرياحين يصح أن يقال أنهما لا ينتفع بهما دائماً؛ لكون نفعهما يحصل في بعض الزمن دون بعضٍ فيكون التمثيل بهما صحيحاً.

قال: (الثاني: أن يكون على برٍّ؛ كالمساكين، والمساجد، والقناطر، والأقارب مسلمين كانوا أو من أهل الذمة).

أما كون الثاني من شروط صحة الوقف: أن يكون على برٍّ؛ فلأن المقصود من الوقف التقربُ إلى الله عز وجل. فإذا لم يكن الوقف على برٍّ لم يحصل المقصود من الوقف.

وأما قول المصنف رحمه الله: "كالمساكين ... إلى مسلمين"؛ فتمثيلٌ للبر الذي يصح الوقف عليه.

وأما كون الوقف يصح على الأقارب مسلمين كانوا أو من أهل الذمة؛ فلأن


(١) ساقط من هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>