للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه إلى ورثة الواقف على روايةٍ؛ فلأنهم هم الذين صرفَ الله إليهم ماله بعد موته واستغنائه عنه. فكذلك تُصرف إليهم صدقتُه التي لم يُعين لها مصرفاً.

وأما كونه ينصرف إلى أقرب عصبته على روايةٍ؛ فلأن أقرب عصبته خُص بالعقل عنه وبالميراث بالولاء. فكذلك بهذا.

فعلى هذا لا يدخل في ذلك الزوجات ولا البنات المنفردات ولا ولدُ الأم؛ لأنهم ليسوا بعصبةٍ. ولا من بعدَ من العصبة؛ لأنه ليس بأقرب.

وأما كون ذلك يختص به فقراؤهم على وجهٍ؛ فلأنهم أكمل. والظاهرُ أن الواقف يقصد ذلك.

وأما كونه لا يختص به فقراؤهم على وجهٍ؛ فلأنه مُسْتَحَقٌّ بالقرابة. فلم يختص به الفقراء؛ كسهم ذوي القربى.

وأما كونه وقفاً على المساكين على قول القاضي؛ فلأنهم هم المصرف غالباً. فكذا هاهنا.

وكلام المصنف رحمه الله مشعرٌ بأشياء:

أحدها: أن الوقف في الصور المذكورة صحيح. وتحقيق الكلام فيه: أن الوقف متصلٌ ومنقطع. فالمتصل: أن يقف على جهةٍ يجوز الوقف عليها كزيدٍ أو عمروٍ أو ما أشبه ذلك، ثم على جهةٍ لا يجوز انقراضها بحكم العادة كالمساكين والفقراء والعلماء وما أشبه ذلك، أو وقف ابتداءً على الجهة المذكورة (١). فهذا لا خلاف في صحته؛ لأنه متصلٌ، ويتناوله حديث عمر رضي الله عنه (٢).

والمنقطع على أربعة أضرب:

أحدها: منقطعُ الابتداءِ والوسطِ والانتهاءِ؛ كالوقف على أم ولده ثم على رجلٍ. فهذا لا يصح؛ لأن الأول والثاني (٣) لا يصح الوقف عليه، ولم يذكر مآلاً يرجع الوقف إليه.

فإن قيل: هلاّ صح وكان لورثته أو لأقرب عصبته؛ كما لو وقف على من


(١) في هـ: أو يقصد ابتداء الجهة المذكورة.
(٢) سبق ذكره ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(٣) ساقط من هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>