وأما كون قياس المذهب في قوله: إن شئت فأنت مدبر كذلك فإنه لا فرق في المذهب بين قول الرجل لزوجته: إن شئتِ فأنتِ طالق، وبين قوله: متى شئتِ فأنتِ طالق من حيث: إن كل واحدٍ منهما لا يتقيد بالمجلس.
وأما كونه يصير مدبراً إن شاء في المجلس وإلا فلا في قول أبي الخطاب؛ فلأن المشيئة كالاختيار. ولو قال الرجل لزوجته: اختاري نفسك تقيد بالمجلس فكذلك المشيئة.
وفرّق المصنف رحمه الله تعالى في بعض كتبه بين: اختاري، وبين تعليق الطلاق على المشيئة من حيث: إن "اختاري" ليس بشرط، وإنما هو تخيير فتقيد بالمجلس؛ كخيار المجلس. وهذا الفرق متجه هنا.
قال:(وإذا قال: قد رجعت في تدبيري أو قد أبطلته لم يبطل؛ لأنه تعليق العتق بصفة. وعنه: يبطل؛ كالوصية).
أما كون التدبير لا يبطل بذلك على المذهب؛ فلما علله المصنف.
وأما كونه يبطل على رواية؛ فلأن نفوذه يتوقف على الموت. أشبه الوصية.
وتحقيق الكلام في ذلك: أن في التدبير شبهين:
أحدهما: بالعتق المعلق بالصفة؛ لاشتراكهما في التعليق. فعلى لحظ هذا الشبه لا يبطل التدبير بالإبطال؛ لما تقدم في العتق.
والثاني: بالوصية؛ لاشتراكهما في عدم النفوذ إلا من الثلث، وفي كونهما تبرعاً بعد الموت. فعلى لحظ هذا الشبه يبطل بالإبطال؛ لأن الوصية تبطل بالإبطال. فكذلك ما يشبهها.
قال:(وله بيع المدبر وهبته. وإن عاد إليه عاد التدبير. وعنه: لا يباع إلا في الدَّيْن. وعنه: لا تباع الأمة خاصة).
أما كون السيد له بيع المدبر مطلقاً سواء كان عليه دين أو لم يكن على المذهب؛ فلما روى جابر «أن رجلاً أعتق مملوكاً له عن دُبُر. فاحتاج. فقال