للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتريه منه؟ فباعه من نعيم بن عبدالله بثمانمائة درهم. فدفعها إليه، وقال: أنت أحوج» (١). متفق عليه.

ولأنه عتق بصفة فلم يمنع البيع؛ كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر.

وأما كونه لا يباع إلا في الدَّين على رواية؛ فلأن الدين يقدم على العتق المحقق في بعض المواضع. فلأن يقدم على ما العقد فيه سبب الحرية بطريق الأولى.

وأما كون الأمة لا تباع خاصة على روايةٍ؛ لأن في جواز بيعها إباحة لفرجها، وتسليط مشتريها على وطئها مع وقوع الخلاف في بيعها، وحِلِّها. بخلاف المدبر.

قال المصنف في المغني: هذا -يعني الأول- هو الصحيح؛ لما تقدم من الحديث. والقياس مع وجوده لا يصح فوجب العمل به؛ لأنه لم يعارضه معارض.

وأما كونه له هبته؛ فلأنه كبيعه معنى فكذا يجب أن يكون حكماً. وحكمه في الخلاف المتقدم ذكره كحكم بيعه، ذكره المصنف في الكافي. ولعله اكتفى هنا -أي في المقنع- بذكر البيع عن الهبة؛ لظهور تساويها في المعنى.

وأما كون التدبير يعود إذا عاد المدبر إلى ملك السيد على الرواية الأولى؛ فلأنه علق عتقه بصفة. فإذا باعه ثم اشتراه عادت الصفة؛ كما لو قال: أنت حر إن دخلت الدار ثم باعه ثم اشتراه.

وقال القاضي: العود مبني على أن التدبير هل هو تعليق للعتق بصفة أم وصية؟

فإن قيل: هو تعليق عاد بالعود، وإن قيل: هو وصية فلا يعود؛ لأن الموصى به لو باعه الموصي ثم اشتراه لم تعد الوصية.

قال: (وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فهو بمنزلتها. ولا يتبعها ولدها من قبل التدبير).

أما كون ولد المدبرة الحادث بعد تدبيرها بمنزلتها؛ فلأن عمر وابنه وجابراً قالوا: «ولدها بمنزلتها» (٢). ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة. فكان إجماعاً.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٠٣٤) ٢: ٧٥٣ كتاب البيوع، باب بيع المزايدة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٩٩٧) ٣: ١٢٨٩ كتاب الأيمان، باب جواز بيع المدبر.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ٣٤٨ كتاب عتق أمهات الأولاد، باب ولد أم الولد من غير سيدها بعد الاستيلاد. عن عبدالله بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>