ولأن الأم استحقت العتق بموت سيدها. فوجب أن يتبعها ولدها؛ كأم الولد.
وأما كون المدبرة لا يتبعها ولدها من قبل التدبير؛ فلأنه لا يتبع في العتق المنجز فلأن لا يتبع في المعلق بطريق الأولى.
قال: (وله إصابة مدبرته. فإن أولدها بطل تدبيرها).
أما كون السيد له إصابة مدبرته. والمراد بالإصابة: الوطء؛ فلأن المدبرة مملوكته فتدخل في قوله: {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: ٣].
ولأن ثبوت العتق بالموت لا يمنع وطأها؛ كأم الولد.
وأما كونه إذا أولدها يبطل تدبيرها؛ فلأن الاستيلاد أقوى من التدبير. فأبطله؛ لأن الضعيف لا يجامع القوي؛ كالنكاح والملك.
قال: (وإذا كاتب المدبر أو دبر المكاتب جاز).
أما كون كتابة المدبر تجوز؛ فلأن الأثرم روى عن أبي هريرة وابن مسعود والحسن جوازه. ولفظ أبي هريرة عن مجاهد قال: «دبّرتِ امرأة من قريش خادماً. ثم أرادت أن تُكاتبه قال: فكتب الرسول إلى أبي هريرة فقال: كاتبيهِ. فإن أدّى كتابته فذلك، وإن حدثَ بكِ حدثٌ عَتَق» (١).
ولأن التدبير إن كان عتقاً بصفة لم يمنع الكتابة؛ كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر ثم كاتبه، وإن كان وصية فالوصية بالمكاتب جائزة.
وأما كون تدبير المكاتب يجوز؛ فلأن المصنف قال في المغني: لا نعلم فيه خلافاً؛ لأنه تعليق عتق بصفة وهو يملك إعتاقه أو وصيته وهو يملك ذلك فيها.
قال: (فإن أدّى عتق وإن مات سيده قبل الأداء عتق إن حَمَل الثلث ما بقي من كتابته. وإلا عتق منه بقدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق. وهو على الكتابة فيما بقي).
أما كون المكاتب إذا أدى يعتق؛ فلأن شأن المكاتب ذلك؛ لما تقدم. وهو مكاتب.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١٠: ٣١٤ كتاب المدبر، باب كتابة المدبر.