ولأن مفهوم قوله عليه السلام: «المكاتب عبدٌ ما بقي عليه درهم» (١): نفيُ العبودية عنه عند حصول الأداء.
وأما كونه إذا مات سيده قبل الأداء يعتق؛ فلأن شأن المدبر ذلك وهو مدبر.
وأما قول المصنف: إن حَمَل الثلث ما بقي من كتابته؛ فلأن المدبر يعتبر في عتقه بالتدبير خروجه من الثلث.
وأما كون قدر الثلث يعتق إن لم يخرج كله من الثلث؛ فلأن ذلك لا مانع له.
وأما كون الكتابة يسقط منها بقدر ما عتق؛ فلانتفاء محلها بالعتق.
وأما كونه على الكتابة فيما بقي؛ فلأن محلها لم يعارضه شيء.
فعلى هذا لو خرج نصفه من الثلث عتق بصفة، وسقط نصف الكتابة، وبقي نصفه مكاتباً.
فإن قيل: الذي يحتسب من الثلث ما هو؟ قيمة المدبر وقت موت سيده أم قدر الكتابة.
قيل: قيمته؛ لأن المدبر لو لم يكن مكاتباً لاعتبرت قيمته.
فإن قيل: كلام المصنف ينافي ذلك؛ لأنه اعتبر الكتابة.
قيل: يحمل على أنها وفق القيمة؛ لأن الظاهر وقوع الكتابة بالقيمة.
ولقائل أن يقول: أن الظاهر وقوعها بأكثر من القيمة لوجهين:
أحدهما: أن مالها مؤجل، والتأجيل له قسط من الثمن.
والثاني: أنها بيع بعض ماله ببعضه فلو لم يزد على القيمة لما رغب فيها.
ثم في كلام المصنف رحمه الله تعالى إشكال من وجه آخر؛ لأنه قال: إن حمل الثلث ما بقي من كتابته والمسألة مفروضة فيمن لم يؤد من الكتابة شيئاً؛ لأنه قال: وإن مات سيده قبل الأداء، وكأن المصنف رحمه الله تعالى قصد متابعة الخرقي في هذا اللفظ.
فإن قيل: لم عدل المصنف عن بطلان الكتابة إلى قوله: وسقط من الكتابة بقدر ما عتق؟
(١) سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..