للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: «هل تزوَّجتَ؟ قلتُ: لا. قال: فتزوّجْ. فإنّ خيرَ هذه الأمةِ أكثرُها نساءً» (١). أخرجه البخاري.

ولأن مصالحه أكثر: فإنه يشتمل على إحراز الدين، وتحصين المرأة، وحفظها، والقيام بواجبها، وإيجاد النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك من المصالح الراجح إحداها على العبادة. فمجموعها أولى.

فإن قيل: هل يدخل من لا شهوة له في الأصل؛ كالعِنّين، أو من خلقت له ثم ذهبت بكبر أو مرض؟

قيل: فيه وجهان:

أحدهما: يستحب له النكاح. وهو ظاهر كلام المصنف.

وقال القاضي: هو ظاهر أحمد.

ووجه ذلك ما تقدم من العموم. وقد جاء: «من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير أمر الإسلام».

والثاني: المستحب لهذا التخلي لنوافل العبادة والاشتغال بشأنه؛ لأنه لا يحصل مصالح النكاح ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعلّه لا يتمكن من أدائها مع عدم حاجته إلى سبب ذلك. ويمنع زوجته من التحصين بغيره ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه. والعمومات المتقدمة محمولة على من له شهوة لما فيها من القرائن الصارفة إليه.

وظاهر كلام أحمد أنه لا فرق بين القادر والعاجز «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبحُ وما عندهُم شيء، ويمسي وما عندهُم شيء» (٢).

و«لأنه عليه السلام زوّج رجلاً لم يقدر على خاتم حديد، ولا وجدَ إلا إزارَه ولم يكن له ردَاء» (٣). أخرجه البخاري.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٧٨٢) ٥: ١٩٥١ كتاب النكاح، باب كثرة النساء.
(٢) أخرجه ابن ماجة في سننه (٤١٤٧) ٢: ١٣٨٩ كتاب الزهد، باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم، ولفظه: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسُ محمدٍ بيده! ما أصبحَ عند آلِ محمدٍ صاعُ حبٍ ولا صاعُ تمر». قال في الزوائد: إسناد صحيح و. رواه ابن حبان في صحيحه. قلت: وأصل الحديث. رواه البخاري في صحيحه في كتاب البيع.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٨٢٩) ٥: ١٩٦٨ كتاب النكاح، باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٤٢٥) ٢: ١٠٤٠ كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن ..

<<  <  ج: ص:  >  >>