للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يجوز له النظر إلى ما يظهر غالباً كما تقدم بيانه على روايةٍ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها مطلقاً علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر منها غالباً. إذ لا يمكن إفراد الوجه بذلك.

ولأنه يظهر غالباً. فأبيح النظر إليه؛ كالوجه.

وأما كون النظر المذكور من غير خلوة بها؛ فلأنها كانت محرمة، ولم يَردْ الشرع بغير النظر. فبقيت الخلوة على التحريم.

ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلونّ الرجلُ بامرأةٍ فإن الشيطانَ ثالثهما» (١). رواه أحمد.

قال: (وله النظر إلى ذلك، وإلى الرأس، والساقين من الأمة المستامة، ومن ذوات محارمه. وعنه: لا ينظر من ذوات محارمه إلا إلى الوجه والكفين).

أما كون الرجل له النظر إلى الأمة المستامة؛ فلأن الحاجة تدعو إلى ذلك ليعرف ما يشتري.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى هنا أن النظر الجائز يختص بالوجه والرقبة واليدين والقدمين والرأس والساقين؛ لأن المقصود يحصل بذلك.

وقال في الكافي: يجوز النظر إلى ما عدا العورة؛ لأن ذلك محتاج إلى معرفته. فجاز النظر إليه؛ كالوجه.

وفي تقييد الأمة بالمستامة دليل على عدم جواز النظر إلى الأمة إذا لم تكن مستامة. وفيه وجهان:

إحداهما: لا يجوز؛ لعموم قوله: {ولا يبدين زينتهن ... الآية} [النور: ٣١] مع أنه لا حاجة تدعو إليه.

ولأن خوف الفتنة مشترك بين الحرة والأمة. فوجب اشتراكهما في الحرمة.

والثاني: يجوز؛ «لأن عمر رأى أمةً متكممة فضربها بالدرّة، وقال: يا لَكَاع! تتشبّهين بالحرائر» (٢).


(١) أخرجه الترمذي في جامعه (١١٧١) ٣: ٤٧٤ كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٥٢٦٩) طبعة إحياء التراث.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٦٢٣٥) ٢: ٤١ كتاب الصلوات، في الأمة تصلي بغير خمار.

<<  <  ج: ص:  >  >>