للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولايات. ناقص عند الله وعند خلقه. قليل الحظ في الدنيا والآخرة. ولا يجوز أن يكون كفءاً للعفيفة.

فعلى هذا لا تزوج عفيفة بفاجر؛ لفقد العفة التي هي من الكفاءة.

وأما كون المنصب وهو النسب من الكفاءة لا خلاف فيه أيضاً في المذهب؛ فلأن عمر رضي الله عنه قال: «لأمنعنَ ذواتَ الأحسابِ إلا من الأكْفاء. قيل له: وما الأكفاء؟ قال: في الحسَب». رواه أبو بكر عبدالعزيز بإسناده.

ولأن العرب يعدون الكفاءة في النسب، ويأنفون من نكاح الموالي، ويرون ذلك نقصاً وعاراً. فوجب أن تعتبر في الكفاءة؛ كالدِّين.

فعلى هذا لا يزوج عربية بعجمي؛ لفقد النسب الذي هو من الكفاءة.

وأما كون العرب بعضهم لبعض أكفاء على المذهب؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته عثمان، وزوج أبا العاص ابن الربيع زينب وهما من بني عبد شمس، وزوج علي عمر ابنته أم كلثوم، وتزوج عبدالله بن عمر بن عثمان فاطمة ابنة الحسين بن علي، وتزوج مصعب بن الزبير أختها سكينة، وتزوج المقداد بن الأسود ضباعة ابنة الزبير بن عبدالمطلب ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج أسامة بن زيد فاطمة بنت قيس وهي قرشية.

ولأن سائر الناس بعضهم لبعض أكفاء إن تفاضلوا في شرف بعضهم على بعض. فكذلك العرب.

وأما كون القرشية لا تزوج لغير قرشي والهاشمية لغير هاشمي على روايةٍ؛ فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله اصطفَى كِنانةَ من ولدِ إسماعيلَ، واصطفَى من كِنانةَ قُريشاً، واصطفَى من قريشٍ بني هاشِم» (١).

ولأن العرب فضلت الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقريش أخص به من سائر الناس، وبنو هاشم أخص به من قريش.

والأول أولى؛ لأن الثاني يدل على الفضيلة لا على أنها من الكفاءة، وإلا لما كان لفاطمة مكافئ.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٢٧٦) ٤: ١٧٨٢ كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه الترمذي في جامعه (٣٦٠٥) ٥: ٥٨٣ كتاب المناقب، باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>