للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونها تحرم قبل أن تنقضي عدتها: أما على الزاني؛ فلأن ولدها لا يلحق به. فيفضي نكاحه لها إلى اشتباه من لا يلحق نسبه بأحد ممن يلحق نسبه به. وأما على غير الزاني؛ فلأنها معتدة من غيره.

وأما كون مطلقته ثلاثاً تحرم حتى تنكح زوجاً غيره؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} [البقرة: ٢٣٠]. والمراد بالنكاح هنا الوطء؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة رفاعة لما أرادت أن ترجع إليه بعد أن طلقها ثلاثًا وتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزَّبير: لا. حتى تَذوقِي عُسَيْلَتَه» (١).

فإن قيل: مفهوم كلام المصنف هنا أن مطلقته ثلاثاً تحل له إذا نكحت زوجاً غيره؛ لأنه جعل ذلك غاية لتحريمها. وليس كذلك؛ لأن حلها يقف على طلاق الزوج الثاني، وعلى انقضاء العدة منه.

قيل: الجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أن تحريمها بكونها مطلقة ثلاثاً يزول بذلك لكن عقيب ذلك التحريم تحريم آخر وهو كونها زوجة غيره ما لم يطلقها فإذا طلقها تكون معتدة من غيره وكلاهما محرم لما تقدم، وكذلك تحرم عليه بذلك وإن كانت مطلقته دون الثلاث.

وثانيهما: أنه قد تقدم أنه محرم عليه نكاح زوجة غيره والمعتدة من غيره. فاكتفى بذلك عن التصريح به هنا.

فإن قيل: هلا اكتفى بذلك في الزانية لأنه لم يقتصر على قوله: حتى تتوب بل قال: وتنقضي عدتها؟

قيل: عدة الزانية مختلف فيها فجيء بالتصريح بها للتأكيد. بخلاف عدة النكاح فإنها متفق عليها فلا حاجة إلى التأكيد فيها.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٤٩٦) ٢: ٩٣٣ كتاب الشهادات، باب شهادة المختبي.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٤٣٣) ٢: ١٠٥٥ كتاب النكاح، باب لا تحل المطلقة ثلاثاً لمطلقها ..

<<  <  ج: ص:  >  >>