للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يلزمه أجرة تعليمها إذا تعلمتها من غيره؛ فلأنه لما تعذر الوفاء بالواجب وجب الرجوع إلى بدله؛ كما لو وجب لها عليه مثليٌّ فعدم. فإنها تنتقل إلى القيمة. والتعليم بعد التعليم متعذر وبدله أجرته. فوجب الرجوع إليه.

وأما كونه إذا طلقها قبل الدخول وقبل تعليمها عليه نصف الأجرة على المذهب؛ فلأنه لما طلقها بانت منه. فتعذر تعليمها؛ لكونها أجنبية لا يأمن الفتنة. وإذا تعذر تعليمها وهي تستحق نصف الصداق لطلاقها قبل الدخول وجب الرجوع إلى نصف أجرة التعليم لما تقدم.

وأما كونه يحتمل أن يعلمها نصفها؛ فلأن ذلك موضع حاجة. أشبه سماع كلامها في المعاملات.

واشترط المصنف في المغني: أن يكون التعليم من وراء حجاب، ولا بد منه؛ لأن النظر إلى الأجنبية حرام.

وأما كونه يرجع عليها بنصف الأجرة إذا كان الطلاق بعد التعليم؛ فلأنه بالطلاق قبل الدخول يستحق الرجوع عليها بنصف ما أصدقها. لكن الرجوع بنصف التعليم متعذر. فوجب الرجوع في بدله وهو نصف الأجرة لما تقدم.

قال: (وإن أصدقها تعليم شيء من القرآن معين لم يصح. وعنه: يصح. ولا يحتاج إلى ذكر قراءة مَنْ. وقال أبو الخطاب: يحتاج إلى ذلك).

أما كون تعليم شيء من القرآن معين لا يصح أن يكون صداقاً على المذهب؛ فلأن الفروج لا تستباح إلا بالأموال؛ لأن الله تعالى قال: {أن تبتغوا بأموالكم} [النساء: ٢٤]، وقال: {ومن لم يستطع منكم طَوْلاً أن ينكح المحصنات المؤمنات} [النساء: ٢٥]. والطَّوْل: المال.

وأما كون ذلك يصح أن يكون صداقاً على روايةٍ؛ فلما روي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة. فقالت: إني وهبت نفسي لك. فقامت طويلاً. فقال له رجل: زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة. فقال: هل عندك من شيء تصدقها؟ فقال: ما عندي إلا إزاري. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك. فالتمس شيئًا. قال: لا أجد شيئاً. قال: التمس ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>