للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاتمًا من حديد. فالتمس. فلم يجد شيئًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زوجتكها بما معك من القرآن» (١) متفق عليه.

ولأن تعليم القرآن منفعة معلومة مباحة. فجاز جعلها صداقًا؛ كتعليم قصيدة من الشعر المباح.

فعلى هذه الرواية لا بد من تعيين ما يعلمها. فيقول: آية كذا، أو سورة كذا؛ لأنه إذا لم يعين ذلك يكون مجهولاً مفضياً إلى المنازعة والمخاصمة. وهل يحتاج إلى قراءة مَنْ؟ فيه وجهان:

أحدهما: يحتاج؛ لأن القراءات بعضها صعب كقراءة حمزة، ومنها سهل كقراءة غيره. فافتقر ذلك إلى التعيين؛ كتعيين الآيات.

والثاني: لا يحتاج إلى التعيين؛ لأن الاختلاف في ذلك يسير.

والصحيح في المذهب: أن تعليم القرآن لا يكون صداقاً؛ لما تقدم.

وأما حديث الموهوبة فقيل معناه: زوجتكها؛ لأنك من أهل القرآن؛ كما زوج أبا (٢) طلحة على إسلامه فروى ابن عبد البر بإسناده «أن أبا طلحة أتى أم سليم يخطبها قبل أن يُسلم. فقالت: أتزوج بكَ وأنتَ تعبد خشبة؟ إن أسلمتَ تزوجتُ بك. فأسلم أبو طلحة. فتزوجها على إسلامه».

ثم ليس في الحديث الصحيح ذكر التعليم. ويحتمل أنه كان خاصًا به، ويؤيده ما روي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوّج رجلاً على سورة من القرآن. ثم قال: لا تكون لأحد بعدك مهرًا» (٣). رواه النجاد.

ولأن تعليم القرآن لا يجوز أن يقع إلا قربة لفاعله. فلم يجز أن يكون صداقًا؛ كالصلاة والصوم وتعليم الإيمان.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٨٤٢) ٥: ١٩٧٣ كتاب النكاح، باب السلطان ولي.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٤٢٥) ٢: ١٠٤٠ كتاب النكاح، باب الصداق.
(٢) ساقط من أ.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٦٤٢) ١: ١٧٦ كتاب النكاح، باب تزويج الجارية الصغيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>