وفي قول المصنف: بعد قبضهما إشعار بأن الطلاق لو كان قبل القبض لم يكن الحكم كذلك. وهو صحيح؛ لأنه إذا لم يقبض الصداق لم يرجع بل يسقط عنه نصف المسمى، وبقي عليه ألف للزوجة يأخذ الأب منه ما شاء. قاله المصنف في المغني.
وقال القاضي: يكون بينهما نصفين. وقال: نقله مهنا عن أحمد لأنه شرط لنفسه النصف ولم يحصل من الصداق إلا ما قال المصنف في المغني. وليس هذا القول على سبيل الإيجاب؛ فلأن للأب أن يأخذ ما يشاء ويترك ما يشاء.
وأما كون الكل لها إذا فعل ذلك غير الأب دون ذلك الغير؛ فلأن جميع ما اشترطه عوض في تزويجها. فيكون صداقاً لها؛ كما لو جعله لها. وليس للغير أن يشترط من مال الغير شيئاً إذا لم يكن أباً فحينئذٍ يقع الاشتراط لغواً ويكون الكل لها. ولا فرق بين كون الغير جَداًّ أو غيره؛ لاستوائهما في كونهما ليس لهما الأخذ من مال الزوجة.
قال:(وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإن كرهت. وإن فعل ذلك غيره بإذنها صح، ولم يكن لغيره الاعتراض. وإن فعله بغير إذنها وجب مهر المثل. ويحتمل أن لا يلزم الزوج إلا المسمى، والباقي على الولي؛ كالوكيل في البيع).
أما كون الأب له تزويج ابنته بدون صداق مثلها؛ فلما روي:«أن عمر رضي الله عنه خطبَ الناس. فقال: ألا! لا تُغالُوا في صُدُق النساء. فما أصدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً من نسائه ولا أحداً من بناته أكثر من ثنتي عشرةَ أوقية»(١). وكان بمحضر من الصحابة ولم ينكر أحد منهم فكان ذلك اتفاقاً منهم على أن له أن يزوج بذلك وإن كان ذلك دون مهر المثل.
وعن سعيد بن المسيب:«أنه زوجَ بنته بدرهمين». وهو من سادات قريش شرفاً وديناً وعلماً. ومن المعلوم أنه لم يكن مهر مثلها.
(١) أخرجه أبو داود في سننه (٢١٠٦) ٢: ٢٣٥ كتاب النكاح، باب الصداق.