ولأنه ليس المقصود من النكاح العوض، وإنما المقصود السكن، والازدواج، ووضع المرأة في منصب عند من يكفلها ويصونها. والظاهر من حال الأب مع تمام شفقته وتمام نظره أنه لا ينقصها من صداقها إلا بتحصيل المعاني المقصودة من النكاح. فلا ينبغي أن يمنع من تحصيل المقصود بتفويت غيره.
وأما كونه له ذلك بكراً كانت أو ثيباً طائعة كانت أو مكرهة؛ فلأن المصحح تحصيل المعاني المذكورة. وهو مشترك بين البكر والثيب والمطاوعة والمكرهة.
فإن قيل: الأب لا يملك تزويج ابنته الثيب الكبيرة قولاً واحداً. فكيف يملك تزويجها بدون مهر مثلها وهي كارهة؟
قيل: يتصور ذلك بأن تأذن له في أصل النكاح دون قدر المهر.
وظاهر كلام ابن عقيل في الفصول: أن الأب إنما يملك التزويج بدون مهر المثل لمن يملك إجبارها. لأنه قال فيه: وإذا زوج الأب ابنته التي يملك إجبارها وهي الصغيرة رواية واحدة، والبكر البالغ في إحدى الروايتين بدون مهر مثلها: يثبت المسمى ولم يبلغ تسميته، ولا يثبت مهر المثل.
ولو لم يختص الحكم بالمجبرة لم يكن حاجة إلى ما ذكره. وهذا أرجح من جهة النظر؛ لأن من لا يملك إجبارها على النكاح كيف يملك نقصها من مهر مثلها؟ .
ولأن الأب إذا لم يملك الإجبار ساوى بقية الأولياء. فيجب أن يساويهم في عدم التنقيص من مهر المثل.
وأما كون ذلك يصح إذا فعله غير الأب بإذنها؛ فلأن الحق لها. فإذا رضيت بإسقاطه سقط.
ولأنه إذا صح في بعض الصور بغير إذنها تحصيلاً للمصلحة. فلأن يصح بإذنها بطريق الأولى.
وأما كون غير من ذكر لا يكون له الاعتراض؛ فلأن الحق في ذلك متمحض لها دون غيرها. بخلاف تزويجها من غير كفء.
وأما كون مهر المثل يجب على المذهب إذا فعله غير الأب بغير إذنها؛ فلأنه ليس له ذلك؛ لأن مقتضى الدليل أنه ليس لأحدٍ تنقيصها من مهر المثل لما عليها في