للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: أما عدم دخول الملائكة فلا يوجب تحريم الدخول عليها. بدليل أنها لا تدخل بيتاً فيه كلب. ولا يحرم علينا دخوله، وأنها لا تصحب رفقة فيها جرس. ولا يحرم علينا صحبتهم.

وأما ترك الإجابة الواجبة من أجله فقد تقدم أن ذلك إنما كان عقوبة للداعي لاتخاذه المنكر في داره.

ولأن فيه زجراً له عن فعله.

وفيما ذكره المصنف رحمه الله تعالى في المغني نظر؛ لأن التصوير في الحائط أو الستر إذا كان محرماً فأيُّ فرق بين مشاهدة ذلك وبين مشاهدة الخمر ونحوه؟ . وما ذكر من جواز دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وفيها صورة إبراهيم وإسماعيل، ودخول علي والمسلمين بيعة النصارى. فيمكن الفرق بينه وبين الدار المصورة والستر المعلق المصور من حيث إن صاحب الدار معتقد حرمة ذلك ملتزم بحكم شرعنا المحرم له. بخلاف الكنائس والبيع فإن أصحابها معتقدون حل ذلك غير ملتزمين بحكم شرعنا. وهم مقرون على ذلك؛ لأنهم مقرون على كفرهم؛ فلأن يقروا على ذلك بطريق الأولى.

وأما كونه يجلس إذا أزيلت الستور المتقدم ذكرها؛ فلأن المحرم للجلوس مشاهدة ذلك. فوجب أن ينتفي عند انتفائه.

وأما كونه لا بأس بالستور المتقدم ذكرها إذا كانت مبسوطة؛ فلأن فيه إهانة لها وابتذالاً.

ولأن تحريم تعليقها إنما كان لما فيه من التعظيم والإعزاز والتشبه بالأصنام التي تعبد وتتخذ آلهة. وكل ذلك مفقود في البسط.

وأما كونه لا بأس بها إذا كانت على وسادة؛ فلأن عائشة قالت: «فجعلتُ منه -يعني من النمط الذي فيه تصاوير- منتبذتين. كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على أحدهما» (١). رواه ابن عبدالبر.

وفي حديث أبي هريرة المتقدم ذكره: «أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: مُر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم» (٢).


(١) سبق تخريجه ص: ٧١٠.
(٢) سبق تخريج حديث أبي هريرة ص: ٧١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>