للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن في ذلك إهانة. أشبه البسط.

فإن قيل: الكلام في الجلوس لدعوة العرس فما بال المصنف لم يتعرض له في بسط ما فيه صورة حيوان وجعله على وسادة؟

قيل: قد تقدم أن المبيح لعدم الجلوس فعل صاحب الدعوة المحرم في داره فإذا تبين أن فعل ذلك ليس بمحرم علم انتفاء المبيح. فيفهم منه الجلوس؛ لانتفاء المبيح لعدمه.

قال: (وإن ستر الحيطان بستورٍ لا صور فيها أو فيها صور غير الحيوان فهل تباح؟ على روايتين).

أما كون ما ذكر لا يباح على روايةٍ؛ فلأن ابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى أن تستر الجدر» (١) رواه الخلال.

وعن عبدالله: «أن أبا أيوب قال له: يا عبدالله! تسترون الجدر؟ لا أطعم لكم طعامًا ولا أدخل لكم بيتًا» (٢). رواه الأثرم.

وعن عبدالله بن يزيد الخطمي «أنه دعي إلى طعام. فرأى البيتَ منجداً. فقعد خارجاً وبكى. فقيل: ما يبكيك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد رقعَ بردةً له بقطعة أدم. فقال: تطالعت عليكم الدنيا -ثلاثاً-. فقال: أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى، وتسترون بيوتكم؛ كما تستر الكعبة. قال عبدالله: أفلا أبكي وقد بقيت حتى رأيتكم تسترون بيوتكم؛ كما تستر الكعبة».

وأما كون ذلك يباح على روايةٍ؛ فلأن ابن عمر فعله، وفُعل في زمن الصحابة رضوان الله عليهم، وقد رجّح المصنف في المغني هذه الرواية.

فإن قيل: الحرمة المذكورة مطلقة في كل حال أو يشترط في ذلك عدم الحاجة.


(١) أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير ١: ١٧٠.
(٢) ذكره البخاري في صحيحه تعليقا مختصراً ٥: ١٩٨٦ كتاب النكاح، باب هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة؟ وقال ابن حجر: وصله أحمد في كتاب الورع، ومسدد في مسنده. فتح الباري ٩: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>