للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يشترط له أن تكون حرة؛ فلأن الأمة لا يجب تسليمها مطلقاً بل ليلاً لأن النهار تكون في خدمة سيدها.

وأما كونه يشترط له أن تكون يمكن الاستمتاع بها؛ فلأن التسليم إنما وجب ضرورة استيفاء الاستمتاع الواجب. فإذا لم يمكن الاستمتاع بها لم يكن واجباً. والإمكان معتبر بتسع سنين نص عليه الإمام أحمد وذلك «لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلَ بعائشة وهي ابنة تسع» (١).

وقال القاضي: هو معتبر بحالها واحتمالها؛ لأنها قد تكون كبيرة لا يمكنها وصغيرة يمكنها. وحمل كلام الإمام على الغالب؛ لا أنه قصد التحديد لأن الإمكان قد يتخلف عن ذلك. فكيف يجب التسليم؟ وحقيقة الإمكان منتفية.

وأما كونه يشترط له أن لا تشترط دارها؛ فلأن ذلك شرط لازم عندنا.

وأما كون المرأة تنظر مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها إذا سألت الإنظار؛ فلأن الحاجة تدعو إلى ذلك.

ولأن في قوله عليه السلام: «لا تطرقُوا النساءَ ليلاً حتى تَمْتشِطَ الشَّعِثَةُ وتستحِدَّ المغِيبَة» (٢) تنبيهاً على الإمهال المذكور؛ لأنه إذا منع من الطروق وأمر بإمهالها لتصلح أمرها مع تقدم صحبته لها. فلأن تمهل هذه بطريق الأولى.

فإن قيل: كم مقدار ذلك؟

قيل: قدره المصنف في المغني باليومين والثلاثة؛ لأن ما تحتاج إليه يمكن فعله في ذلك.

وأما كون الأمة لا يجب تسليمها إلا بالليل؛ فلأنها مملوكة. عُقد على إحدى منفعتيها. فلم يجب تسليمها في غير وقتها؛ كما لو أجرها لخدمة النهار. فإنه لا يجب تسليمها بالليل.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٨٤١) ٥: ١٩٧٣ كتاب النكاح، باب تزويج الأب ابنته من الإمام.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٧٩١) ٥: ١٩٥٤ كتاب النكاح، باب تزويج الثيبات.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٧١٥) ١: ١٥٢٧ كتاب الإمارة، باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلاً لمن ورد من سفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>