للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنهما إذا كانا من أهلهما كانا أعلم بحالهما وأشفق عليهما.

وثانيهما: أنه يجوز أن يكونا من غير أهلهما؛ لأن الأهلية ليست شرطاً في الحكم.

ولأن في الوكالة وهماً لا يخرجان عنهما. وذلك يوجب حمل الأمر في الآية على الرجحان لا على الراجح المانع من النقص.

وثالثها: أن كون الحكمين برضا الزوجين وتوكيلهما راجح في نظر الشرع أيضاً. ولا شبهة فيه؛ لما فيه من الخروج من الخلاف الآتي ذكره.

ورابعها: أنه يجوز أن يكونا بغير رضا الزوجين ولا توكيلهما.

وأما كونهما يكشفان عن حالهما ويفعلان ما يريانه من جمع بينهما أو تفريق بطلاق أو خلع؛ فلأن الغرض من بعثهما إزالة ما بينهما من الشقاق والعداوة. وما ذكر طريق إليه. وفي حديث علي رضي الله عنه الآتي ذكره: «إن رأيتُما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما».

وأما كون الزوجين إذا امتنعا من التوكيل لم يجبرا؛ فلأنهما رشيدان والبضع حق للزوج والمال حق للزوجة. فلم يجبرا على التوكيل فيهما كغيرهما من الحقوق.

وعدم إجبارهما مشعر بأن الحاكم ليس له أن يبعث حكمين بغير رضاهما. وهو صحيح على المذهب؛ لأنه حق لهما. فلم يجز لغيرهما التصرف إلا بالوكالة.

وأما كون الزوج إن وكل في الطلاق والمرأة في بذل العوض وإلا جعل الحاكم إليهما ذلك؛ فلعموم قوله تعالى: {فابعثوا} [النساء: ٣٥].

ولأن الله تعالى سماهما حكمين ثم قال: {إن يريدا إصلاحاً} [النساء: ٣٥] خاطب الحكمين بذلك ولم يعتبر رضا الزوجين.

وعن أبي عبيدة السلماني «أن رجلاً وامرأة أتيا علياً رضي الله عنه مع كل واحدٍ منهما فئام من الناس. فقال علي: ابعثوا حكمين حكماً من أهله، وحكماً من أهلها. فبعثوا حكمين. ثم قال علي للحكمين: هل تدريان ما عليكما من الحق؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. فقالت المرأة:

<<  <  ج: ص:  >  >>