قال:(وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه: فالثاني هو القاتل، وعلى الأول ضمان ما أتلف بالقصاص أو الدية).
أما كون الثاني فيما ذكر هو القاتل؛ فلأن المجني عليه لم يخرج بفعل الأول من حكم الحياة، وإذا كان كذلك فالمفوت للنفس هو الثاني. فيجب كونه هو القاتل. ضرورة تفويته النفس المحرم تفويتها.
وأما كون الأول عليه ضمان ما أتلف؛ فلأنه حصل بجنايته.
وأما كون ذلك بالقصاص تارة وبالدية أخرى؛ فلأن الجناية تارة تكون موجبة للقصاص كقطع اليد عمداً، وتارة لا تكون موجبة له كقطع اليد خطأ.
قال:(وإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقَدّه: فالقاتل هو الثاني. وإن رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه فالقود على الرامي في أحد الوجهين).
أما كون القاتل هو الثاني إذا رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف (١) فقدّه؛ فلأنه فوّت حياته قبل المصير إلى حال يئس فيها من حياته. أشبه ما لو رماه رجل بسهم فبادره رجل فقطع عنقه قبل وصول السهم إليه.
وأما كون القود على الرامي إذا رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه في وجهٍ؛ فلأنه تسبب إلى قتله ولم يوجد مباشر. فصح إسناد القتل إليه. فوجب أن يعمل السبب عمله. وبه فارق ما تقدم من حيث إن الذي تلقى المقتول مباشر صالحٌ لإسناد القتل إليه.
وأما كونه لا قود عليه في وجهٍ؛ فلأنه متسبب والإتلاف حصل بالمباشرة، وذلك يوجب قطع التسبب.
والأول أصح؛ لأن السبب لا ينقطع إلا بشرط صلاحية إسناد التلف إلى المباشر، وهو مفقود هاهنا.
قال:(وإن أكره إنساناً على القتل فقتل فالقصاص عليهما).
أما كون القصاص فيما ذكر على المكره؛ فلأنه تسبب إلى قتله بشيء يفضي إليه غالباً. فوجب عليه القصاص؛ كما لو ألسعه حية، أو ألقاه إلى أسد في زُبْية.